كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

شَيخنَا فِي مُعْجَمه: حَدثنِي من لَفْظَة بِأَحَادِيث وَأَجَازَ لأولادي وَلم يخلف بالحجاز مثله، وقرض لَهُ شَيخنَا غير مَا تصنيف وَكَانَ هُوَ يعْتَرف بالتلمذة لشَيْخِنَا وتقدمه على سَائِر الْجَمَاعَة حَتَّى شيخهما الْعِرَاقِيّ كَمَا بيّنت ذَلِك فِي الْجَوَاهِر، وَخرج لَهُ الْجمال ابْن مُوسَى معجما مَاتَ قبل إكماله، وَكَانَ ذَا يَد طولى فِي الحَدِيث والتاريخ وَالسير وَاسع الْحِفْظ واعتنى بأخبار بَلَده فأحيا معالمها وأوضح مجاهلها وجدد مآثرها وَترْجم أعيانها فَكتب لَهَا تَارِيخا حافلا سَمَّاهُ شِفَاء الغرام بأخبار الْبَلَد الْحَرَام فِي مجلدين جمع فِيهِ مَا ذكره الْأَزْرَقِيّ وَزَاد عَلَيْهِ مَا تجدّد بعده بل وَمَا قبله واحتصره مرَارًا وَعمل العقد الثمين فِي تَارِيخ الْبَلَد الْأمين فِي أَربع مجلدات ترْجم فِيهِ جمَاعَة من حكام مَكَّة وولاتها وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وَجَمَاعَة من الْعلمَاء والرواة من أَهلهَا وَكَذَا من سكنها سِنِين أَو مَاتَ بهَا وَجَمَاعَة لَهُم مآثر فِيهَا أَو فِيمَا أضيف لَهُ، رتبه على المعجم ثمَّ اخْتَصَرَهُ وَكَذَا ذيل على سير النبلاء وعَلى التَّقْيِيد لِابْنِ نقطة وكتابا فِي الأخريات سود غالبه وَفِي الْأَذْكَار والدعوات وَفِي الْمَنَاسِك على مَذْهَب الشَّافِعِي وَملك اختصر حَيَاة الْحَيَوَان للدميري وَخرج الْأَرْبَعين المتباينات والفهرست كِلَاهُمَا لنَفسِهِ وَكَذَا خرج لجَماعَة من شُيُوخه، وتصانيفه كَثِيرَة ضَاعَ أَكْثَرهَا لاشترطه فِي وَقفهَا أَن لَا تعار لمكي سِيمَا وَقد تعدى النَّاظر بِالْمَنْعِ لغَيرهم خوفًا مِنْهُم، وَولى قُضَاة الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة سبع وَثَمَانمِائَة من قبل النَّاصِر فرج وَلم يسْتَقلّ بِهِ قبله غَيره وعزل مرَارًا. وَمَات وَهُوَ مَعْزُول بِمَكَّة فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بعد أَن عمي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمكن من قدحه فَمَا أطَاق ذَلِك وَلَا فاده وَكَانَ الأَصْل أعشى، وَلم يكن ذَلِك)
يمانع لَهُ عَن التَّأْلِيف بل هُوَ لقُوَّة حافظته ومعرفته بالمظان يرشد من يطالع لَهُ وَهُوَ يملي على من يكْتب وَبِالْجُمْلَةِ فتصانيفه إِذْ ذَاك لَيست كَمَا يَنْبَغِي وَلم يخلف بالحجاز بعده مثله وَقد ترْجم نَفسه فِي تَارِيخ مَكَّة بِزِيَادَة على كراس وَفِي ذيل التَّقْيِيد وَأوردهُ ابْن فَهد فِي مُعْجم أَبِيه مطولا وَفِي غَيره، وَشَيخنَا فِي أنبائه ومعجمه وَكَذَا ذكرته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة وَغَيرهَا، والمقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه تردد إِلَيْهِ بِمَكَّة وبالقاهرة وَهُوَ بَحر علم وكنز فَوَائِد لم يخلف بالحجاز مثله، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة فَقِيها حَافِظًا للأسماء والكنى ذَا معرفَة تَامَّة بالشيوخ والبلدان وَيَد طولى فِي الديث والتاريخ وَالْفِقْه وأصول مُفِيد الْحجاز البلادية وعالمها لطيف الذَّات حسن الْأَخْلَاق عَارِفًا بالأمور الدِّينِيَّة والدنيوية لَهُ غور ودهاء وتجربة وَحسن عشرَة وحلاوة لِسَان بِحَيْثُ يجلب الْقُلُوب بِحسن عِبَارَته ولطيف

الصفحة 19