كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

من الْجِهَات، وَوصف بِالْفَضْلِ ثمَّ تكسب بحانوت فِي الوراقين وانسلخ من ذَلِك كُله، ولكثرة الوثوق بِهِ كَانَت تدفع لَهُ الْأَمْوَال قراضا وَغَيره وَيَشْتَرِي من الْأَصْنَاف والبضائع مَالا يقْتَصر فِيهِ على شَيْء وَاحِد وَيدْفَع من ربح ذَلِك أَو غَيره للمقارضين مَا يحصل الرِّضَا بِهِ، ودام على ذَلِك دهرا ثمَّ بِأَن أَنه سبق، وَلَا زَالَ فِي انحطاط مَعَ حجو فِي غُضُون ذَلِك إِلَى أَن افْتقر جدا وَصَارَ يكْتب فِي عمائر ابْن مزهر وَغَيره بِمَا يرتفق بِهِ فِي معيشته وَرُبمَا شهد وَأخذ عَنهُ صغَار الطّلبَة بعض مروية واستكتب على الاستدعاءات، وَهُوَ مَعَ مَا يتجرعه من الْعَدَم بعد التقلب فِي تِلْكَ الْأَمْوَال والسلطنة صابر رَاغِب فِي المطالعة والانتقاء لما يُعجبهُ مَعَ الْإِكْثَار من التَّرَدُّد إِلَى حَتَّى انحط ونفض قواه بِحَيْثُ يعْتَمد على عكاز وَصَارَ يَعْتَرِيه شبه الزحير وَنَحْوه وَمكث كَذَلِك مُدَّة إِلَى أَن عجزعن الْحَرَكَة أصلا، ثمَّ مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ شَهِيدا وَدفن فِي يَوْمه قريب الْغُرُوب بتربة الاسنائي عِنْد أَوْلَاده وَذكر بِخَير، وَكَانَ قد حصل لَهُ فِي وَجهه جرح فقطب فجَاء صُورَة جلالة صَرِيحَة اتِّفَاقًا فَكَانَ يستبشر بذلك رَحمَه الله.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن كَمَال الشَّمْس الدجوى القاهري الشَّافِعِي الشَّاعِر قَاضِي الشطرنج. ولد)
تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين أَو قبل السّبْعين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل فِي فنون، وَفضل ونظم الشّعْر فأجاد ومدح الأكابر كشيخنا وَله فِي ختم الْبَارِي قصيدة نبوية أثبتها فِي الْجَوَاهِر، والكمال بن الْبَارِزِيّ وَكثر تردده إِلَيْهِ فِي الشطرنج وَكَانَ فائقا فِيهِ بِحَيْثُ لقب قَاضِي الشطرنج، وتكسب مَعَ ذَلِك بِالشَّهَادَةِ سَمِعت مِنْهُ قصيدة لامية امتدح بهَا شَيخنَا فِي مجْلِس الْإِمْلَاء، وَكَانَ حسن الْعشْرَة ظريفا كثير النَّوَادِر استجازه شَيخنَا لوَلَده، وَمَات بعد مرض طَوِيل بعلة الْبَطن فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَأَرْبَعين رَحمَه الله، وَمن نظمه ساقى خمر بِيَدِهِ سبْحَة:
(يَا من غَدا فِي زَعمه متنسكا ... ومسالك النهم الْكِبَار تدورها)

(فَإِذا حضرت على المدام بسبحة ... وَجَلَست تسقى الْخمر كَيفَ تديرها)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي فِيمَن جده كَمَال الدّين فكمال مُخْتَصر من لقبه، وَأنْشد عَنهُ قَوْله فِي شَجَرَة سنط:
(أَي دوحة قَامَت على الأَرْض خيمة ... وَلِأَن لَهَا الْحر الشَّديد أَبُو لَهب)

(أجت بِحمْل ورد تبر وسندس ... وَلكنهَا للنار حمالَة الْحَطب)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُبَارك الْحَمَوِيّ الْحَنَفِيّ أَخُو الزين عمر الشَّافِعِي الْمَاضِي

الصفحة 38