كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

من الْفُضَلَاء وَرُبمَا وَقعت المباحثة فِيهِ وتزايدت براعته بِهَذَا كُله لوفور ذكائه وَحسن تصَوره، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة سبع وَسبعين فَأكْرم الْأَشْرَف قايتباي مورده وَأقَام مُدَّة ثمَّ سَافر لبيت الْمُقَدّس فزاره والخليل وَرجع حَتَّى سَافر لمَكَّة فِي موسم الَّتِي تَلِيهَا وَكثر تردد الأماثل فَمن دونهم لبابه وغمرهم بنواله وبره ولذيذ خطابه وَرَأَوا من أدبه وتواضعه ورياسته مَا يفوق الْوَصْف، وَكنت مِمَّن شملني فَضله ووسعني معروفه وَزَاد فِي الثَّنَاء عَليّ جدا حَتَّى فِي الْغَيْبَة بِحَيْثُ يقدمني على سَائِر أهل الْعَصْر، وينسب الْملك فَمن دونه إِلَى التَّقْصِير فِي شأني ويغتبط بتصانيفي كثيرا وَرُبمَا قَرَأَ من لَفظه بَعْضهَا بحضرتي وشهرها فِي غيبتي، ورام مني وَهُوَ بِالْقَاهِرَةِ إسماع مُسلم عِنْده فاعتذرت عَن ذَلِك وَكَذَا تكَرر استدعاؤه لي فِي كثير من مهماته الَّتِي يخص بهَا من يَعْتَقِدهُ فَمَا أذعنت وَهُوَ لَا يزْدَاد فِي مَعَ ذَلِك إِلَّا محبَّة وَقَالَ لي مرّة لم أرمن سلم من لِسَان الْبَدْر الدَّمِيرِيّ سواكم. ثمَّ قدم بعد الثَّمَانِينَ فَأَقَامَ قَلِيلا وَتوفيت لَهُ ابْنة متزوجة بالشريف اسحق الْمَاضِي فدفنت بجوار المشهد النفيسي وانتفع لدفنها هُنَاكَ الجدام والمجاورون بل والخليفة وأقرباؤه وَالْمَكَان فَإِنَّهُ أرصد نَحْو ألفي دِينَار لعمارته)
وَكَانَت لَهَا جَنَازَة حافلة وأوقات هنك طيبَة هائلة، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وَكَانَ لَهُ فِي السَّيْل الشهير بهَا الْيَد الْبَيْضَاء. ومحاسنه جمة. وَمَات فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربتهم من المعلاة وارتجت النواحي لمَوْته وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِجَامِع الْأَزْهَر وَغَيره وَأوصى ببر وَخير كثير، وَكَانَ رَئِيسا جَلِيلًا متواضعا شهما متعبدا بِالطّوافِ وَالصِّيَام وَالصَّلَاة نيرا مكرما لجليسه مُعظما للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ سِيمَا أَبُو الْعَبَّاس بن الغمري بِحَيْثُ سمى وَلَده باسمه فائقا فِي الْكَرم والبذل وافر الْعقل زَائِد الْأَدَب ممدحا سَار ذكره فِي الْآفَاق وطار اسْمه فِي السباق وَفِي مَجِيئه الْأَخير للديار المصرية خرج الْعَرَب على نَائِب جده والركب فَلَمَّا أبصروه كفوا حَيَاء مِنْهُ وَطَمَعًا فِي إحسانه فَمَا خيبهم من معروفه، وَبِالْجُمْلَةِ فَقل أَن ترى الْأَعْين فِي مَعْنَاهُ مثله رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَمَال بن الْمعلم الشهَاب القاهري المقسي الحريري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالقافلي. مِمَّن لَازم عبد الرَّحِيم الأبناسي فِي قِرَاءَة أَشْيَاء يقصر عَنْهَا. وَكَذَا تردد للفخرعثمان المقسي وَأخذ عَن نور الدّين الصَّالِحِي الكلبشي فِي الْفِقْه وَغَيره عني وَعَن البقاعي يَسِيرا، وتكسب فِي بعض الْأَسْوَاق وَلم ينجب فِي شيئ. وَحج وَتزَوج كثيرا وَكَاد بعض الْقُضَاة أَن يعزره

الصفحة 54