كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلف الزين أَبُو الْخَيْر القاهري الشَّافِعِي وَيعرف أَولا بِابْن الْفَقِيه وبابن النّحاس حرفه أَبِيه ثمَّ حرفته. ولد فِي رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد أَي عبد الْقَادِر الْمقري بل وجوده عَلَيْهِ والتبريزي وَبَعض الْحَاوِي وَحضر يَسِيرا عَن الشّرف السُّبْكِيّ وَالْجمال الأمشاطي وَلكنه لم يتَمَيَّز وَلَا كَاد بل اسْتمرّ على عاميته وَسمع بِالْقَاهِرَةِ على شَيخنَا وَغَيره وسافر لحلب وَأخذ الشفا عَن حافظها الْبُرْهَان وجود الْخط على الزين بن الصَّائِغ وتكسب كوالده بسوق النّحاس من تَحت الرّبع وَكثر طلبه بديون عَلَيْهِ للقضاة وَغَيرهم وَهُوَ مَعَ ذَلِك يتَرَدَّد للمزارات كالليث وَغَيره وَيَتْلُو مَعَ قراء الجوق إِلَى أَن رَافع عِنْد الظَّاهِر جقمق فِي أبي الْعَبَّاس الوفائي الَّذِي كَانَ جَوْهَر القنقباي الخازندار ألْقى بمقاليده إِلَيْهِ وَأكْثر من الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ مَعَ كَونه منتميا إِلَيْهِ وَلَكِن حمله على ذَلِك كَثْرَة مُطَالبَة الْمشَار إِلَيْهِ بِمَالِه عَلَيْهِ من الدُّيُون فَرَأى الظَّاهِر من جرأته وإقدامه أمرا عجبا وَفهم هُوَ من تقحم الظَّاهِر على الْإِحَاطَة بحواصل جَوْهَر ومخبآته مَا تمكن مَعَه من المرافعة، وَكَانَ مِمَّا أبداه أَن عِنْده من آلَات السِّلَاح كالخود وَنَحْوهَا للطائفة العزيزية شَيْء كثير وَعِنْده تنور وتحف تفوق الْوَصْف فَأرْسل مَعَه من أحضر سَيِّئًا من ذَلِك بعد إمْسَاك الْمشَار إِلَيْهِ فَوَقع هَذَا عِنْد السُّلْطَان موقعا عَظِيما وَأعْطى أَبَا الْخَيْر خمسين دِينَارا وَبَعض صوف وبعلبكي وَنَحْو ذَلِك وحصنه على مُلَازمَة خدمته فَصَارَ يطلع إِلَيْهِ أَحْيَانًا وَرُبمَا أَخذ مَعَه بعض الأشغال من الْأُمُور السهلة فتزايد ميل السُّلْطَان إِلَيْهِ، ولازال يسترسل فِي هَذَا المهيع حَتَّى رَافع فِي الولوي السفطي أَيْضا وَطَلَبه بِإِذن من السُّلْطَان لباب القاياتي قَاضِي الشَّافِعِيَّة حِينَئِذٍ وَنزع مِنْهُ ثريا مكفته ادّعى استمرارها فِي ملكه واعترف لَهُ السفطي بهَا وَأَنَّهَا معلقَة بالجمالية وَاسْتقر بِهِ السُّلْطَان فِي وكَالَته ثمَّ لما اسْتَقر السفطي فِي الْقَضَاء)
انتزع لَهُ مِنْهُ وكَالَة بَيت المَال ثمَّ أعطَاهُ أَيْضا نظر سعيد السُّعَدَاء ثمَّ جَامع عَمْرو ثمَّ الجوالي ثمَّ الْكسْوَة ثمَّ البيمارستان ثمَّ الْمَوَارِيث وَنظر السواقي وَلم يلبث انْفِصَاله عَنْهُمَا خَاصَّة وَزَاد اخْتِصَاصه بالسلطان إِلَى الْغَايَة واشتهر وتعدى طوره وَفعل كل قَبِيح لاسيما فِيمَا لَهُ عَلَيْهِ التحدث وَالْولَايَة وَصَارَت الْأُمُور جليلها وحقيرها مفوضة إِلَيْهِ لَا ينبرم أَمر دونه وَلَا يعول إِلَّا عَلَيْهِ وَكثر السَّعْي من بَابه وَزيد فِي التنويه بِذكرِهِ وخطابه وازدحم عِنْده النَّاس من سَائِر الْأَصْنَاف والأجناس ونادمه غير وَاحِد من أهل الْأَدَب ذَوي الْفَضَائِل والمتعالين فِي الرتب إِلَى غَيرهم مِمَّن لايراعي للْعلم حَقه بل رُبمَا يُصَرح

الصفحة 63