كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

أَكْثَرهَا مختلق وجلها مركب، وأوقفني المقريزي لَهُ على تراجم كتبهَا بِهِ بخطة كلهَا مُخْتَلفَة إِلَّا لشَيْء الْيَسِير غفر الله لَهُ، وَقد كَانَ المقريزي يعظمه جدا وَوَصفه بالشيخ الْحَافِظ الرّحال ذِي الكنيتين، وَأكْثر من الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ يُخبرهُ بِهِ مِمَّا يتَعَلَّق بالتاريخ وَنَحْوه من غير إفصاح عَنهُ على عَادَته. وَقَالَ غَيرهمَا مِمَّن أَخذ عَنْهُمَا لم أزل أسمع عَنهُ الْأَعَاجِيب من كَثْرَة الْحِفْظ للْأَخْبَار الْقَدِيمَة وَالْقُوَّة على جوب الْبِلَاد وَالْقُدْرَة على مداخلة النَّاس حَتَّى اجْتمعت بِهِ ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَوَجَدته من دهاة الْعَالم فصيحا مفوها قوي الحافظة عديم النظير فِي ذَلِك بِحَيْثُ أَنه يَأْخُذ كتاب الْعلم فَيطلع فِيهِ اطلاعة يحفظ غالبه مِنْهَا، وَبَالغ شَيخنَا فِي تَكْذِيبه واختلاقه وَأما المقريزي فعلى الضِّدّ من ذَلِك فِي اعْتِمَاده وتلقيبه يَا لحافظ، وترجمه فِي عقوده بِاخْتِصَار وَأنْشد عَنهُ لغيره:)
(لعمرك مَا عدمت لِوَاء مجد ... وَلَا كل الْجواد عَن السباق)

(وَلَكِنِّي بليت بحظ سوء ... كَمَا تبلى المليحة بِالطَّلَاق)
وَقد خرج فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين فِي بعض بِلَاد نابلس وَأظْهر أَنه السفياني واحتوى على عقول الفلاحين فراج عَلَيْهِم وَتَبعهُ خلق مِنْهُم ثمَّ أحسن مِنْهُم بانحلال عَنهُ فانسل نَحْو بِلَاد الشمَال حَتَّى مَاتَ باللاذقية من بِلَاد طرابلس الشَّام سنة تسع وَخمسين يَعْنِي فِي الْمحرم قَالَ بَعضهم ثمَّ أخْبرت أَنه فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ انْتهى. وَقد أرخه فِي سنة تسع الشَّمْس المالقي بن الْمُنِير وَيحْتَاج إِلَى تَحْقِيق، وجازف من قَالَ إِنَّه مَاتَ بِمصْر فِي ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَقَالَ وَقد اتهمه ابْن حجر فِي سَمَاعه من البطرني وَلَا وَجه لاتهامه انْتهى.
وَيحْتَاج هَذَا الْقَائِل إِلَى تَأْدِيب كثير سِيمَا وَقد علمت وَجهه.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن رسْلَان الْبَدْر بن الشهَاب ابْن التَّاج بن الْجلَال بن السراج البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد عبد الباسط الْمَاضِي وَإِبْرَاهِيم. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بجوار مدرسة جده السراج بحارة بهاء الدّين، وَنَشَأ بَين أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والعمدة وألفية الْعِرَاقِيّ والمنهاج الفرعي وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ والتوضيح لِابْنِ هِشَام وَالتَّلْخِيص للقزويني وَكَانَ يصحح بَعْضهَا على الشمني وَبَعضهَا على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ، وَعرض على شَيخنَا وَغَيره وَأخذ الْفِقْه عَن السَّيِّد النسابة والْعَلَاء القلقشندي والمحلى والمناوي وَعم جده العلمي وَعَمه أبي السعادات وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ أَكثر من بعض وَكَذَا عَن الوين البوتيجي وقابل مَعَه نصف النكت لشيخه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعنهُ وَعَن

الصفحة 70