كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

فِي الْأَدَب وانتفع بِيَحْيَى الطشلاقي فِي بعض فنونه كثيرا وَطلب الحَدِيث وقتا وَدَار على متأخري الشُّيُوخ فَسمع جملَة وَكَانَ يستمد مني فِي ذَلِك وَفِي غَيره بل سمع منى فِي الْإِمْلَاء وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد وَكتب بِخَطِّهِ بعض الطباق ورام محاكاة ابْن نَاصِر الدّين فِي خطه كالخيضري، وَأذن)
لَهُ المرداوي والجراعي فِي التدريس والإفتاء بل كتب قَاسم الْحَنَفِيّ تَحت خطه فِي بعض الْفَتَاوَى وَكَذَا أذن لَهُ الْعِزّ الْكِنَانِي حَيْثُ علم من نَفسه التآهيل لذَلِك وتنزل فِي صوفية الشيخونية وَهِي أول وظائفه ثمَّ الأشرفية والبيبرسية وَغَيرهَا وَولى الْإِعَادَة بالمنصورية وَالْحَاكِم وَبعد حفيد ابْن الرزاز إِفْتَاء دَار الْعدْل وتدريس الْفِقْه بالقراسنقرية والمنكوتمرية وناب فِي الْقَضَاء عَن شيخة الْعِزّ وَامْتنع من التعاطي على الْأَحْكَام وأقرأ الطّلبَة وَكَذَا أفتى خُصُوصا بعد وَفَاة النُّور الششيني، وَكَانَ فَاضلا ذَاكِرًا مستحضرا، لكثير من فروع الْمَذْهَب ذائقا للأدب حَرِيصًا على التصميم فِي الْأَحْكَام وَإِظْهَار الصلابة وتحري الْعدْل مَعَ قُوَّة نفس واقدام وَإِظْهَار تجمل مَعَ التقلل واحتشام ولطف عشرَة وتواضع وميل للماجنة مَعَ من يختاره، وَقد حج وجاور بِمَكَّة بعض سنة وَكتب عَنهُ صاحبنا ابْن فَهد يَسِيرا وَلم يكن قاضية يحمد أَكثر أَفعاله بل ينْسبهُ إِلَى حمق وتصنع وَلعدم اعتنائه بِشَأْنِهِ مَسّه بعض الْمَكْرُوه من الْعلم البُلْقِينِيّ بِسَبَب خلوه بالمطلع الملاصق لَا يوان الْحَنَفِيَّة من الصلاحية النجمية اقتات فِي عمارتها من مَاله وَغَيره بارتكاب مَالا يجوز وَلذَلِك لم يمتع بهَا بل مَاتَ عَن قرب فِي عَاشر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ فِي مشْهد حسن وَدفن بحوش البغاددة تربة السَّلَام بِالْقربِ من ضريح الْمُحب بن نصر الله أثنى النَّاس عَلَيْهِ جميلا وَأظْهر الْعِزّ التأسف على فَقده عوضه الله الْجنَّة وَمِمَّا أنشدنيه من نظمه:
(وَوصل الَّذِي أهواه من بعد بعده ... وساقيه مَعَ ساقي لما أَن التووا)

(ووجنته مَعَ ثغره وعذاره ... وطرته مَعَ مقلتيه وَمَا حووا)

(وودى ولهفي لَا سلوت وَلَو سلوا ... فُؤَادِي ولبي قد قلوا والحشاشووا)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن أبي التائب بن أبي العيسى ابْن أبي عَليّ الْعِزّ الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ ابْن حفيد الْبَدْر الْمسند الشهير وَيعرف كسلفه بِابْن أبي التائب. ولد فِي شعْبَان سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه لأبي عَمْرو عَليّ الشَّمْس النشوى والعمدة والكنز الفرعي وَالْمُغني فِي الْأُصُول وألفية النَّحْو والتخليص وَعرض بَعْضهَا على الصَّدْر الْمَنَاوِيّ وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ ومحمود العجمي وَغَيرهم وَأخذ الْفِقْه عَن الْبَدْر

الصفحة 73