كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 7)

بِقِرَاءَة أَبِيه على الْمُحب المطري الْبَعْض من الْمُوَطَّأ ومسند الشَّافِعِي وَأبي دَاوُد وعَلى أبي السعادات بن ظهيرة بعض الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ يقْرَأ الشفا فِي النَّوَازِل وَشبههَا وَرُبمَا قَرَأَهُ فِي الْيَوْم الْوَاحِد، ولازم الشهَاب الأبشيطي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ شرح الْمِنْهَاج الفرعي للمحلي والمنهاج الْأَصْلِيّ بحثا والعربية وَغَيرهَا وَأذن لَهُ فِي الإقراء وعظمه جدا والشهاب بن يُونُس حَتَّى أَخذ عَنهُ الْحساب، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ فَاجْتمع بِي وَأخذ عني شَيْئا وَقَرَأَ على الْجلَال الْبكْرِيّ موضعا من الرَّوْضَة وَأذن لَهُ فِي الإقراء والإفتاء بِشَرْط أَن لَا يخرج تَرْجِيح الشَّيْخَيْنِ فان اخْتلف عَلَيْهِ ترجيحهما فَلَا يخرج عَن تَرْجِيح النَّوَوِيّ. وَكَانَ ذكيا فَاضلا فَقِيها ذَا نظم متوسط امتدح بِهِ ابْن مزهر وَغَيره وَقَررهُ خير بك من حَدِيد فِي تدريس الشَّافِعِيَّة من الدُّرُوس الَّتِي جددها بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَكَانَ يجْهد نَفسه فِي المطالعة والتحفظ لذَلِك وإلقائه لجَماعَة الدَّرْس بِحَيْثُ انْتفع بِهِ جمَاعَة فِيهِ، وَبِيَدِهِ رياسة المؤذنين بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ تلقاها عَن أَبِيه. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فِي الْحَرِيق الْكَائِن بِالْمَدِينَةِ رَحمَه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشهَاب البرموني الدمياطي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن صنين بِفَتْح الْمُهْملَة ثمَّ نون مُشَدّدَة مَكْسُورَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ نون.
ولد فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة بقرية البرمون من أَعمال الدقهلية والمرتاحية بَين دمياط والمنصورة وَحفظ بهَا لقرآن عِنْد الْجمال عبد الله البرموني الْمقري الضَّرِير وَصلى بِهِ. ثمَّ انْتقل مَعَ أَبِيه إِلَى الْقَاهِرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَحفظ الْعُمْدَة والرسالة فِي الْمَذْهَب والمنهاج الْأَصْلِيّ، وَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والعز عبد الْعَزِيز الطَّيِّبِيّ والسراج عبد الْخَالِق بن الْفُرَات والبدر القويسني وأجازوا لَهُ فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن قَاضِي مذْهبه الراكراكي والزين قَاسم النويري والفرائض عَن الشهَاب العاملي وَأذن لَهُ)
فِيهَا وانتفع بملازمة الأبناسي، وَكَذَا حضر دروس البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا، وَحج غير مرّة أَولهَا مَعَ أَبِيه فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل حلب وطرابلس فَمَا دونهَا واسكندرية وَغَيرهَا فِي التِّجَارَة، وناب فِي قَضَاء دمياط عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَكَانَت إِذْ ذَاك مُضَافَة لِلشِّهَابِ بن مَكْنُون فَكَأَنَّهُ كَانَ نَائِبه، وَفِي غُضُون ذَلِك نَاب عَن قَاضِي مذْهبه الشَّمْس الْبِسَاطِيّ، وَجلسَ فِي حَانُوت بَاب الْخرق من الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَعشْرين ولكونه من جيران شَيخنَا والمنتمين إِلَيْهِ كَأَنَّهُ بِوَاسِطَة صهره ابْن مَكْنُون الْمشَار إِلَيْهِ اسْتَقل عَن شَيخنَا بِقَضَاء دمياط

الصفحة 94