لأنه جاء في مسلم والبخاري وغيرهما عن ابن معود أنه لما انتهي إلى الجمرة الكبرى، جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حميات، وقال: "هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة".
قال: ويقطع التلبية مع أول حصاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، أخرجه مسلم عن رواية الفضل بن عباس، وهو أعرف الناس بحال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان؛ لأنه كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى.
والمعنى في ذلك: أنه مدعو إلى فعل جميع المناسك، فما لم يتحلل من إحرامه يستحب له التلبية [؛ لأنها إجابة الداعي، وإذا رمى فقد شرع في التحلل؛ فلم يستحب له التليية]؛ لأنه أخذ في فعل الانصراف، ولا معنى للإجابة في حال الانصراف.
وكذلك يستحب للمعتمر أن يقطع التلبية بأخذه في الطواف.
ولو شرع الحاج في خلاف الأولى، وهو تقديم الطواف على الرمي، أو الحلق، وقلنا: إنه نسك - كما سنذكره - قطع التلبية بشروعه فيه –أيضاً- لما ذكرناه.
ولو خالف السنة بأن قطع التلبية، وكبر قبل رمي جمرة العقبة وغيرها من أسباب التحلل، أو استدام التلبية، ولم يكبر إلى أن فرغ من [رمي] الجمرة - كان فاعلاً لمكروه، ولا فدية عليه.
وعن القفال: إن الحجاج إذا رحلوا من مزدلفة مزجوا التلبية بالتكبير في ممرهم، فإذا ابتدءوا في رمي جمرة العقبة محضوا التكبير.
قال الإمام: ولم أر ذكر المزج إلى الرمي لغيره.
قال: وإن رمى بعد نصف الليل، أجزأه؛ لما روى الشافعي - رضي الله عنه - بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بأم سلمة ليلة النحر، فرمت جمرة العقبة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول