كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 7)

ثم انصرف، فغلبتني عيناي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: "يا عتبي، الحق الأعرابي، فبشره بأن الله قد غفر له".
ثم يتقدم إلى رأس القبر، فيقف بين القبر والأسطوانة التي هناك، ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويدعوا لنفسه بما أهمه وأحبه لوالديه، ومن شاء من أقاربه وإخوانه وسائر المسلين.
ثم يأتي "الروضة"، فيكثر فيها [من] الدعاء اولصلاة، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي"، ويقف عند المنبر ويدعو.
أما إذا لم يرد الحاج والمعتمر الخروج من مكة، وأراد المقام بها والمجاورة، أو كان من أهلها فلا وداع عليه؛ لأن غير مفارق ولا مودع.
قال في "الحاوي": ولا يختلف المذهب في ذلك.
نعم هل تستحب المجاورة بها أم تكره؟
اختلف فيه العلماء:
فذهب أبو حنيفة ومن وافقه إلى الكراهة؛ خوفاً من الملل وقلة الحرمة للأُنْسِ، وخوف ملابسة الذنوب؛ فإن الذنب فيها أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها.
قلت: ويقرب من هذا قول القاضي أبي الطيب: ويستحب لمن فرغ من حجه أن يعجل الرجوع إلى بلده؛ لما روي أنه – عليه السلام – قال: "من فرغ من حجه، فليعجل الرجوع إلى أهله؛ فإنه أعظم لأجره".

الصفحة 538