وحكى البندنيجي والقاضي الحسين وغيرهما: أن من الأصحاب من خص الوجوب بما إذا كان المطيع ولدًا وإن سفل؛ لأنه يختص بما لا يختص به غيره من كونه لا يقاد به الأب, ويجب عليه إعتاقه, ويجوز له الرجوع فيما وهبه له.
ولا نوجب الحج عند بذل الأجنبي والوالد: أما الأجنبي؛ فللمنة, وأما في الوالد؛ فلأن خدمته تشق على ولده.
وحكى القاضي الحسين وجهًا آخر: أن الوالد ملحق بالولد, دون الأجنبي, وهذا ما اختاره الشيخ أبو محمد, وقد حكاه الماوردي بدلًا عن الوجه الذي قبله, وألحق الأحسن بالأب, كما أن البنت ملحقة بالابن.
الخامس: أنه لا فرق في الوجوب عليه عن من يطيعه بين أن يصرح له بالطاعة أو لا عند معرفته بذلك, وهو المذكور في "تعليق" البندنيجي وأبي الطيب والشامل, ويحكى عن النص.
وقيل: لا يجب إلا عند التصريح بالطاعة.
وقال القاضي الحسين: إنه الصحيح؛ لأن الظن يخطئ ويصيب.
ولو لم يعلم المعذور بطاعته, قال أبو حامد في "التعليق": هو بمنزلة من له مال لا يعلمه؛ بأن يموت مورثه, والحكم فيه –كما قال البندنيجي-: أنه يلزمه.
وقال ابن الصباغ والطبري: عندي أن هذا يجري مجرى من نسي الماء في رحله, وتيمم, وصلى, هل يسقط عنه الفرض؟ فيه قولان.
وفي "المعتمد": تشبيه ذلك بالمال الضال والمغصوب في الزكاة.
قال الرافعي: ولك أن تفرق بين الحج وغيره, فتقول: وجب ألا يلزمه الحج بحال؛ لأنه معلق بالاستطاعة, ولا استطاعة عند عدم الشعور بالمال والطاعة.
السادس: أنه لا فرق فيما ذكره من النيابة بين أن يكون بينه وبين مكة مسافة القصر أم لا.
وفي "التتمة": أن محل النيابة إذا كان بينه وبين مكة مسافة القصر, أما لو كانت دونها, فلا تجوز النيابة.