كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 7)

وإن أحرم بهما معًا, كانا جميعًا عن الأجير؛ لأن العمرة تقع] له؛ فلا يكون الحج عن غيره؛ لأنه إحرام واحد؛ فلا يتبعض؛ وهذا ما حكاه البندنيجي وأبو الطيب [والماوردي وابن الصباغ] ونسبه ابن سريج إلى نصه في الجديد؛ كما قال القاضي الحسين, فإنه قال في "الجامع الكبير": إذا كان [قد] حج عن نفسه, ولم يعتمر, فحج عن غيره واعتمر -أجزأه الحج دون العمرة.
وإن المزني قال: هذا غلط؛ لأنه إذا قرن بينهما, صار إحراماً واحدًا.
وقال أصحابنا: لم يرد الشافعي -رضي الله عنه- إذا قرن بينهما, وإنما أراد: إذا أتى بالحج, ثم بالعمرة بعده.
ثم قال القاضي الحسين: وقد قال في القديم: [إنه] لو مات وعليه حج, فاستؤجر من يحج عنه, فقرن -سقط الحج عن الميت", واختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من جعل [في المسألة] قولين:
أحدهما: يسقط الحج عن المستأجر في مسألتنا, كما قال في القديم.
والثاني: يقع كلا النسكين عن الأجير كما قاله في الجديد.
واعلم أن قول الشيخ: "ولا يتنفل بالحج عن نفسه وعليه فرضه", يفهم صحة التنفل به ممن ليس عليه فرضه, وهو صحيح في العبد والصبي, ومن أسقط فرضه عن نفسه بالفعل, وأما من لم يخاطب بفرضه, لعدم الاستطاعة, فلا؛ لأنه إذا فعل ذلك متكلفًا كان حكمه حكم من فعله وعليه فرضه, والعبارة الوافية بالمقصود أن يقال:
ولا ينتفل بالحج عن نفسه من يصح منه الفرض قبل أداء فرضه.
قال: ولا تجوز النيابة في حج التطوع, أي: حيث تجوز في حج الفرض في أحد القولين؛ لأنه من عبادة البدن, وإنما دخلت النيابة في الواجب منه بالشرع أو بالنذر؛ للضرورة, ولا ضرورة في النفل, فأشبه ما لو استناب في حج النفل وهو صحيح, وهذا ما صححه القاضي أبو الطيب وجماعة, وقال الإمام في كتاب الوصية: إنه الأقيس.

الصفحة 73