كتاب الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (اسم الجزء: 7)

3813 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ، فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لاَ يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّى فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ وَأَعْلاَهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لَهُ ارْقَهْ. قُلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَأَتَانِى مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِى مِنْ خَلْفِى، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلاَهَا، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِى يَدِى، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلاَمُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ». وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(عن أبي النضر) -بالضاد المعجمة- اسمه سالم.

3813 - (أزهر) بفتح الهمزة (عن ابن عوف) آخره نون، اسمه عبد الله. (عُبَاد) بضم العين وتخفيف الباء (قالوا هذا من أهل الجنة) أي عبد الله بن سلام، (قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم) كأنه أنكر على من جزم بأنه من أهل الجنة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلفظ بذلك، لكنه لزم ذلك من قوله (فإنه أخبره أنه يموت على الإسلام) وذكر سبب ذلك القول، وهو ذاته الذي رواه البخاري (فأتاني مِنصَف) بكسر الميم. وحكي فيه الفتح -الخادم- وفي الرواية الأُخرى وصيف على وزن كريم، وهو الخادم أيضًا (فقال: الروضة الإسلام) لأنه يوصل إلى روضة الجنة، أو لأن أنواره كأزهار الروضة، (وذلك العمود عمود الإسلام) أي أركانه من الإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج (وتلك العروة الوثقى) قيل: من الوثاقة، الظاهر أنه تصديق القلب المنجي على طريقة الاستعارة شبه المعقول بالمحسوس المحكم كما أشير إليه في قوله تعالى: {لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256].
فإن قلت: قوله: (فاستيقظت وإنها لفي يدي) حقيقة أو أُريد معناه المجازي؟ قلت:

الصفحة 29