كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 7)

كم داير بنا الدهر من أحداثه … عبرا وفينا الصّد والإعراض
ننسى الممات وليس نجرى ذكره … فينا فتذكرنا به الأمراض
ومن قوله فى الغزل:
ومهفهف ثمل القوام سرت إلى … أعطافه النشوات من عينيه
ماضى اللحاظ كأنما سلت يدى … سيفى غداة الروع من جفنيه
قد قلت إذ خط العذار بمسكه … فى خده ألفيه لا لاميه
ما الشعر دب بعارضيه وإنما … أصداغه نفضت على خديه
الناس طوع يدى وأمرى نافذ … فيهم وقلبى الآن طوع يديه
فاعجب لسلطان يعم بعدله … ويجور سلطان الغرام عليه
والله لولا اسم الفرار وأنه … مستقبح لفررت منه إليه
ومن شعره أيضا ما رواه القاضى ابن خلكان-فى تاريخه-من رواية ابن نجية الواعظ الدمشقى، قال: أنشدنى الصالح لنفسه يقول:
مشيبك قد نضى صبغ الشباب … وحل الباز فى وكر الغراب
تنام ومقلة الحدثان تقضى … وما ناب النوائب عنك ناب
وكيف بقاء عمرك وهو كنز … وقد أنفقت منه بلا حساب
قلت: لو قال مكان «أنفقت» «أسرفت» لكان أحسن فى باب التورية.
وكان المهذب عبد الله بن أسعد الموصلى المعروف بنزيل حمص قد قصد الصالح ومدحه بقصيدة حسنة، وهى الكافية التى أولها يقول:
أما كفاك تلافى فى تلاقيكا … ولست تنقم إلا فرط حبيكا
وهى من نخب القصائد، وفيها طول، ولذلك لم أثبتها بجملتها، ومخلصها يقول:
وفيم تغضب إن قال الوشاة سلا … وأنت تعلم أنى لست أسلوكا
لا نلت وصلك إن كان الذى نقلوا … ولا شفى ظمئى جود ابن رزيكا

الصفحة 17