كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 7)

فأطرق إلى الأرض. ثم أمر به فكبل، ووثب السلطان فنحره بيده بين الملوك لوفاء نذره، فصلّب الجميع بأيديهم على وجوههم. ثم إنه أنفذهم إلى دمشق فى قيودهم، فاعتقلهم بها.
قال ابن واصل فى تاريخه: سبب قتل البرنس صاحب الكرك وكيفيته أنه لما منّ الله تعالى بالنصر على الإسلام، أمر السلطان بالملوك، فأجلسهم فى الدهليز السلطانى، وجلس السلطان فى سرادقه، وأمر بإحضار البرنس، وأوقفه على غدره وقوله. وكان الملعون لما غدر بالقافلة التى أخذها، قال لهم: «قولوا لمحمدكم يخلصكم».
فقال له السلطان: «ها أنا أنتصر لمحمد صلى الله عليه وسلم». ثم عرض عليه الإسلام، فأبى، فسلّ السلطان النمجاه وضربه فحل كتفه، وتمم عليه من حضر من المماليك، وسحب. فلما رآه الملك هنفرى ارتاع، وظن أنه سيكون ثانيه، فأحضره السلطان، وطيب قلبه، وقال: «إنما فعلت بهذا ما تراه لأنه تعدى طوره. وإنما الملوك لا تقتل الملوك». ثم إن السلطان أمر بقتل سائر الداوية والاسبتار، فقتلوا عن آخرهم.
ثم إنه رحل إلى عسقلان، لما كان على المسلمين منها من الأذى ومنع الطرق بسببها، فإذا أخذت أمنت الطرق، وسافرت القوافل والتجار. وكانت هذه عسقلان أم تلك الديار، ومعقل عظيم من معاقل الفرنج. واجتمعت الفرنج عليها، وحاصرهم السلطان صلاح الدين، فلم يلتفتوا إلى ذلك لحصانة المكان، وكثرة رجاله، والمراكب تأتيهم بما يمتارون، فسير صلاح الدين أحضر ملوك الفرنج من دمشق، ونفذ إلى من بعسقلان يقول: «متى لم تسلمونا الحصن قتلت ملوككم». فلم يسمعوا ذلك، ولا رجعوا إليه، وردوا أنحس جواب. فاتكل على الله-عز وجل-وجدّ فى حصارهم، ونصب المناجنيق. فلما تحقق الملاعين أن لا بد له من الحصن وفتحه،

الصفحة 54