كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 7)

ذكر سنة أربع وثمانين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم ستة أذرع واثنى عشر أصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وثلاثة وعشرون أصبعا.
ما لخص من الحوادث الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين. والسلطان صلاح الدين، مشمر الذيل فى إخماد جمرة الكفر، وقد نازل عكا. فلما وصل إلى تل الفضول مضمرا على الزحف عليها، إذ خرج إليه كبير من كبرائهم، وطلب الأمان من السلطان، وتضرع بين يديه، والناس قيام ينظرون. فرقّ السلطان ورحمهم، وأمنهم على أنفسهم وأهاليهم وجميع أموالهم. وخيرهم بين الإقامة فيها تحت أمانه وسلطانه أو الخروج عنها، فاختاروا الرحيل عنها، فخرجوا.
ودخل المسلمون إلى عكا يوم الجمعة ثانى جمادى الأولى من هذه السنة. وأخرج الأسرى من المسلمين، فكان عدتهم أربعة آلاف أسير. وسلم عكا لولده الملك الأفضل، وأنعم عليه بجميع ما فيها من أموال الفرنج وغلالهم، وحواصلهم.
وكتب له بذلك توقيعا متوجا بعلامته الكريمة، يتضمن تملكها لولده بجميع نواحيها. وجعل الفقيه الهكارى أمينا بها من قبل الملك الأفضل.
وكتب السلطان إلى أخيه الملك العادل بمصر يبشره بما فتح الله عز وجل عليه، ويأمره أن يخرج بالعساكر المصرية إلى بلاد الفرنج بالساحل من جهة الديار المصرية.
فخرج الملك العادل، ونزل على مجد ليابا، وفتحها، وغنم ما فيها.
وأحضر السلطان بهاء الدين قراقوش، وسلمه عكا نيابة عن ولده الملك الأفضل.
وخرج السلطان صلاح الدين وتوجه إلى حصن كوكب.

الصفحة 94