كتاب كنز الدرر وجامع الغرر (اسم الجزء: 7)

خاوية على عروشها، ورايات الكفر خاشعة، ورايات الإسلام طالعة، وسناجق المؤمنين ببركات أميرهم عالية كاسية، وقد كانت من الكفر ناكية باكية. وأخذ الله أعداءه بأيدى أوليائه أخذ القرى وهى ظالمة. وفى ذلك اليوم فتحت عكا بالأمان، ورفعت عليها أعلام الإيمان. وهى أمّ البلاد، وأحب إلى الكفر من {إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ}. وقد أصدر المملوك هذه المطالعة وصليب الصلبوت مكسور، وقلب البرنز مرجوف مكسور، والفارس مجدول، والراجل مقتول، والملوك ممسوكة، والدماء مسفوكة. والذى كان يظن أن عكا حصينة، فقد خيب الله عز وجل ظنه، والذى كان بماء المعمودية معمودا يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا. وعاد كل من كان فى الحرب منهم ذا همة ويقظة، لا يقبل منه عن نفسه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
وطبرية فقد هدمت أعلام الشرك من عليها، وعكا فقد خاب وخسر من التجأ إليها، وقد سبيت نساؤها الأحرار، وعادوا لنساء الإسلام خداما وجوار، وكذلك عادوا مماليكا أولادهم الصغار؛ بعد من قتل من آبائهم من كل فاجر وكافر، وصارت الكنائس مساجدا يعمرها من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. وعادت البيع مواقفا لخطباء الإسلام على المنابر. وعمرها الله بالتوحيد وأهله، مكان كل مشرك وكافر.
وأما فرسان الديوية والإسبتار، فقد عجل الله تعالى بأرواحهم إلى النار، وقد نزل بهم إلى أسفل الجحيم، مصفدين مقرنين مع الشيطان الرجيم، فليأخذ حظه من هذه البشرى مولانا أمير المؤمنين، فقد قطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين».
وفيها وردت قصيدة الشريف النسابة محمد بن أسعد بن على بن معمر الحسينى نقيب الأشراف على السلطان صلاح الدين، يهنيه بما فتح الله على يديه يقول:
أترى مناما ما بعينى أبصر … والقدس يفتح والصليب يكسّر
وقمامة قمّت من الرجس الذى … بزواله وزوالها يتطهّر

الصفحة 96