كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

فثبت أن الزهري لم ينفرد بذلك وأن المخاطب للنبي هو ذو الشمالين، وأن من قال ذلك لم يهم ولا يلزم مق عدم تخريج ذلك في الصحيحين عدم صحته، فثبت أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد، وهذا أولى من جعله رجلين؛ لأنه خلاف الأصل في هذا الموضع.
فإن قيل: أخرج البيهقي (¬1) حديثًا واستدل به على بقاء ذي اليدين بعد النبي - عليه السلام - فقال: الذي قتل ببدر هو ذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة حليف بني زهرة من خزاعة، وأما ذو اليدين الذي أخبر النبي - عليه السلام - بسهوه فإنه بقي بعد النبي - عليه السلام -.
كذا ذكره شيخنا (¬2) أبو عبد الله الحافظ ثم خرج عنه بسنده إلى معدي بن سليمان قال: حدثني شعيب بن مطير، عن أبيه ومطير حاضر فصدقه، قال شعيب: يا أبتاه أخبرتني أن ذا اليدين لقيك بذي خشب، فأخبرك أن رسول الله - عليه السلام - ... " ثم قال البيهقي: وقال بعض الرواة في حديث أبي هريرة، فقال ذو الشمالين: يا رسول الله أقصرت الصلاة؟ وكان شيخنا أبو عبد الله يقول: كل من قال ذلك، فقد أخطأ، فإن ذا الشمالين تقدم موته ولم يعقب، وليس له راو.
قلت: سنده ضعيف؛ لأن فيه معدي بن سليمان، فقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال النسائي: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: يحدث عن ابن عجلان. وقال ابن حبان: يروي المقلوبات عن الثقات، والملزوقات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وفي سنده أيضًا شعيب لم يعرف حاله، وولده مطير قال فيه ابن الجارود: سمع ذا اليدين، روى عنه ابنه شعيب، لم يصح حديثه، وفي "الضعفاء" للذهبي: لم يصح حديثه. وفي "الكاشف": مطير بن سليم عن ذي الزوائد وعنه ابناه شعيب وسليم لم يصح حديثه.
¬__________
(¬1) "سنن البيهقي الكبرى" (2/ 365 رقم 3742).
(¬2) "سنن البيهقي الكبري" (2/ 366 رقم 3744).

الصفحة 10