كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

قلت: وكذا نقل القاضي عن بعضهم، قال: وضبطه الأصيلي في "المغازي" -بضم السين وإسكان الراء- ووجهه أنه جمع سريع كفقير وفقران وكثيب وكثبان، ومن قال: "سِرَعان" بكسر السين فهو خطأ، وقيل: يقال أيضًا: سِرْعان -كسر السين وسكون الراء-وهو جمع سريع كرعيل ورعلان وأما قولهم: سرعان ما فعلت، ففيه ثلاث لغات: الضم والكسر والفتح، مع إسكان الراء والنون مفتوحة أبدًا.
قوله: "فقام رجل طويل اليدين" وفي رواية: "فقام ذو اليدين" وفي رواية: "رجل من بني سليم" وفي رواية: "رجل يقال له: الخرباق بن عمرو وكان في يده طول". وفي رواية: "رجل بسيط اليدين". هذا كله رجل واحد، واسمه: الخرباق ابن عمرو، ولقبه: ذو اليدين، وذو الشمالين، كما ذكرناه فيما مضى مستقصى.
قوله: "لم أنس ولم تقصر الصلاة" وفي رواية مسلم: "كل ذلك لم يكن" وفي رواية أبي داود: "كل ذلك لم أفعل" قال النووي: فيه تأويلان:
أحدهما: أن معناه لم يكن المجموع ولا ينفي وجود أحدهما.
والثاني: وهو الصواب معناه: لم يكن لا ذاك ولا ذا في ظني، بل ظني أني كملت الصلاة أربعًا، ويدل على صحة هذا التأويل وأنه لا يجوز غيره، أنه جاء في رواية للبخاري في هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - قال: "لم تقصر ولم أنس" ويقال: "لم أنس" يرجع إلى السلام، أي: لم أسْهُ فيه، إنما سلمت قصدًا، ولم أَسْهُ في نفس السلام، وإنما سهوت، عن العدد؛ قال القرطبي: "وهذا فاسد؛ لأنه حينئذ لا يكون جوابًا عما سئل عنه، ويقال: بين النسيان والسهو فرق؛ فقيل: كان النبي - عليه السلام - يسهو ولا ينسى، ولذلك نفى عن نفسه النسيان؛ لأن فيه غفلة ولم يغفل، قاله القاضي. وقال القشيري: يبعد الفرق بينهما في استعمال اللغة، وكأنه يتلوح من اللفظ، على أن النسيان عدم الذكر لأمر لا يتعلق بالصلاة، والسهو عدم الذكر لأمر يتعلق بها، ويكون النسيان: الإعراض عن تفقد أمورها حتى يحصل عدم الذكر، والسهو: عدم الذكر لا لأجل الإعراض، وقال القرطبي: لا نسلم الفرق، ولئن سلم فقد

الصفحة 24