كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمَّد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد ابن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمون، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي قال: "بينما أنا مع رسول الله - عليه السلام - في صلاة إذ عطس رجل، فقلت: يرحمك الله، فحدقني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثكل أماه، ما لكم تنظرون إليَّ؟! قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت، فلما انصرف النبي - عليه السلام - من صلاته دعاني، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، والله ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ولكن قال: إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التكبير والتسبيح وتلاوة القرآن".
حدثنا يونس وسليمان بن شعيب، قالا: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي ... فذكر بإسناده مثله.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا فليح بن سليمان، عن هلال ابن علي، عن عطاء بن يسار، عق معاوية بن الحكم ... ثم ذكر نحوه وزاد: "فإذا كنت فيها فليكن ذلك شأنك".
أفلا ترى أن رسول الله - عليه السلام - لما عَلَّم معاوية بن الحكم إذ تكلم في الصلاة قال له: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسييح والتكبير وقراءة القرآن" ولما لم يقل له: أو ينوبك فيها شيء مما تركه إمامك فتكلم به، دل ذلك أن الكلام في الصلاة بغير التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن يقطعها.
ش: أي أحتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث معاوية بن الحكم السلمي، لأنه - عليه السلام - لما علمه حين تكلم في الصلاة قال له: "إن صلاتنا هذه ... " إلى آخره، دل أن الكلام في الصلاة بغير التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن يقطعها، وإلا لخلا كلامه عن الفائدة وذا لا يجوز.

الصفحة 33