كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه إذْ وإذا، وقد جاء في الجواب كثيرًا تقول: بينما زيد جالس دخل عليه عمرو، وإذ دخل عليه عمرو، وإذا دخل عليه عمرو وها هنا جوابه قوله: "إذ عطس".
قوله: "فحدقني القوم" بتخفيف الدال، ومعناه: رموني بأبصارهم وحدقهم، وهي جمع حدقة وهي العين، ويروى: "فحدَّقني" بتشديد الدال، من التحديق: وهو شدة النظر.
قوله: "وا ثكل أماه" الثكل بضم الثاء المثلثة وإسكان الكاف، وبفتحهما جميعًا لغتان كالنُّحْل والنَّحَل، حكاهما الجوهري وغيره، وهو: فقدان المرأة ولدها، وامرأة ثكلى وثاكل، وثَكِلته أمه -بكسر الكاف- وأثكله الله أمه، وثكلت المرأة وأثكلت: فقدت ولدها، والواو في قوله: "وا ثكل" تسمى واو الندبة، نحو وا زيداه، والندبة والندب: لغة من ندبت الميت إذا بكيت عليه، وعددت محاسنه، وأصله من ندبه: إذا حَثَّه، كأن الحزن يحث النادب على مد الصوت باسم الميت، ودعاء الناس إلى التضجر معه، والأولى بالندبة: النساء لضعفهن عن تحمل المصيبة، فيبنى المفرد على ما يرفع، نحو: وا زيداه، وا زيدان وينصب المضاف وشبهه نحو: وا عبد الله، ثم يلحقونه حرف مد ليطول الصوت به فيكون أظهو للغرض، وهو التفجع وإظهار اسم المندوب، فيقال: وا زيداه واختير الألف؛ لأنه أقعد في المد من أختيها، أو لأنها أخف، وزيادتها أكثر، ولا يلحق الألف المضاف عند الإضافة لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، بل يلحق المضاف إليه نحو: وا عبد اللاه وإن كان المضاف إليه منونًا فسيبويه يحذف تنوينه نحو: وا غلام زيداه، ثم ها هنا.
قوله: "وا ثكل أماه" مضاف ومضاف إليه، فدخل الألف في المضاف إليه، وهو أماه، وفي رواية: "أمِّياه" قال المُطرزي: حديث ابن الحكم: "وا ثكل أماه"، وروي "أمِّياه" الأولى بإسقاط ياء المتكلم مع ألف الندبة، والثانية بإثباتها، والهاء للسكت، ثم قيل: إن الميم مكسورة، ولقد سمعت بعض من أثق به من أهل الحديث بضم

الصفحة 37