كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

قوله: "يأتون الكُهان" بضم الكاف جمع كاهن، وهو الذي يتعاطى الأخبار عن الكوائن في المستقبل، ويدَّعي معرفة الأسرار.
و"العرَّاف" الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما، وبهذا حصل الفرق بينهما، وإنما نهى عن إتيان الكهان؛ لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة، فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك؛ لأنهم يلبسون على الناس كثيرًا من أمر الشرائع، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون، وتحريم ما يعطون من الحلوان، وهو حرام بإجماع المسلمين، وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة، منهم: أبو محمد البغوي، وقال الخطابي: كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور، فمنهم من يزعم أن له رئيسًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي استدراك ذلك بفهم أعطيه، ومنهم من سمي عرافًا وهو الذي يزعم معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها لمعرفة من سرق الشيء الفلاني ومعرفة من يتهم به ونحو ذلك، ومنهم من يسمي المنجم كاهنًا.
قوله: "يتطيرون" من التطير وهو التشاؤم بالشيء، وكذلك الطيرة، وهي مصدر تطير أيضًا، يقال: تطير طيرة كتخير خيرة، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها، وأصله فيما يقال: التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه.
قوله: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم" معناه: أن الطيرة شيء يجدونه في نفوسهم ضرورة ولا عتب عليهم في ذلك؛ فإنه غير مكتسب لهم، فلا تكليف به، ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في مقاصدكم.
قوله: "لا يصدهم" أي: فلا يصدهم ذلك عن التصرفات.
قوله: "يخطون" من الخط، هو الضرب في الرمل على ما ذكر في كيفيته وقال ابن الأعرابي في تفسير الخط: كان الرجل يأتي العراف وبين يديه غلام، فيأمره بأن يخط

الصفحة 39