كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

الرابع: قال ابن الجوزي: فيه دليل على جواز الصلاة بإمامين وذلك أن النبي - عليه السلام - لما وقف عن يسار أبي بكر - رضي الله عنه - علم أبو بكر أنه نوى الإمامة فعندها نوى أبو بكر الإتمام.
الخامس: قال الطبري: فيه دليل على أن من سبق إمامه بتكبيرة الإحرام، ثم ائتم به في صلاته أن صلاته تامة، وبيان فساد قول من زعم أن صلاته لا تجزئه؛ وذلك لأن أبا بكر - رضي الله عنه - كان قد صلى بهم بعض الصلاة، وقد كانوا كبروا معه للإحرام، فلما أحرم رسول الله - عليه السلام - لنفسه للصلاة بتكبيرة الإحرام ولم يستقبل القوم صلاتهم بل بنوا عليها مؤتمين به، وقد كان تكبيرهم للإحرام تقدم تكبيره.
والجواب عن هذا: أن إمامهم كان أبا بكر - رضي الله عنه - أولًا ولم يسبق تكبيرهم على تكبيره، ثم إن النبي - عليه السلام - أتم صلاة أبي بكر ولم يبتدئها من أولها حتى يلزم ما ذكره، وهذا ظاهر لمن يتكلم بالتأمل.
وقال ابن بطال: لا أعلم من يقول إن من كبر قبل إمامه فصلاته تامة، إلا الشافعي بناءً على مذهبه، وهو أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإِمام، وسائر الفقهاء لا يجيزون صلاة من كبر قبل إمامه.
السادس: قال السفاقسي: احتج به من الحذاق على أبي حنيفة في قوله: "إن سبح الرجل لغير إمامه لم تجزه صلاته" ومذهب مالك والشافعي: إذا سبح لأعمى خوفًا لأن يقع في بئر أو من دابة أو حية؛ أنه جائز.
قلت: لا نسلم أن يكون هذا حجة على أبي حنيفة؛ لأن الذي في الحديث: "فصفق الناس" وهو غير التسبيح.
وأما قوله "من نابه شيء في الصلاة فليسبح" فأبو حنيفة أيضًا يعمل به كما بينا ولئن سلمنا ذلك فمراد أبي حنيفة من قوله: "إذا سبح الرجل لغير إمامه لم يجزه" إذا كان على وجه الجواب مثل ما أخبر الرجل لمن في الصلاة بخبر يعجبه، وقال: سبحان الله، وأما إذا كان لا على وجه الجواب لا تفسد صلاته كما في المسأله المذكورة؛ لعموم قوله: "من نابه شيء ... " الحديث.

الصفحة 49