كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

وفي "المغني": وظاهر كلام الخرقي أن ذوي القربى يمنعون الصدقة وإن كانوا عاملن. وذكر في باب: "قسم الفيء والصدقة" ما يدل على إباحة الأخذ لهم عمالةً، وهو قول أكثر أصحابنا.
وقال صاحب "البدائع": ولو كان العامل هاشميًّا لا تحل له عندنا، وعند الشافعي تحل، واحتج بما روي "أنه - عليه السلام - بعث عليًّا - رضي الله عنه - إلى اليمن مصدقًا وفرض له" ولو لم تحل للهاشمي لما فرض له؛ ولأن العمالة أجرة العمل بدليل أنها تحل للغني، فيستوي فيها الهاشمي وغيره، ثم استدل صاحب "البدائع" لأصحابنا بالحديث المذكور، وأجاب عن حديث علي - رضي الله عنه - بأنه لا حجة له فيه؛ لأن فيه أنه فرض له، وليس فيه بيان المفروض أنه من الصدقات، فيحتمل أنه كان فرض له من بيت المال؛ لأنه كان قاضيًا، والله أعلم.
وفيه دلالة على جواز تبرع الرجل عن صداق المرأة إذا تزوجها رجل، وأنه يسقط عن الزوج.
وأن الرجل إذا رأى غيره يسعى فيما لا ينبغي يمنعه من ذلك ويردعه؛ لأنه في الحقيقة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه إشارةإلى فضيلة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
ص: فإن قال قائل: فقد أصدق عنهما من الخمس وحكمه حكم الصدقات.
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك من سهم ذوي القربى في الخمس، وذلك خارج من الصدقات المحرمة عليهم؛ لأنه إنما حرم عليهم أوساخ الناس، والخمس ليس كذلك.
ش: تقرير السؤال من جهة أهل المقالة الأولى: إنكم قلتم: إن الصدقة حرام على بني هاشم وقد قال - عليه السلام - لمحمية بن جزء: "أصدق عنهما" فقد أصدق عنهما أي: عن الفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث من الخمس، وحكم الخمس حكم الصدقات. والجواب ظاهر.

الصفحة 512