كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله. قال: فلما جئته قال: أي بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بُني ليس في ذلك الدين خين دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلا والله إنه لخير من ديننا. قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدًا ثم حبسني في بيته. قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركبٌ من الشام تجارٌ من النصارى فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركبٌ من الشام تجارٌ من النصارى، قال: فأخبروني بهم. قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم. قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: مَن أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في
الكنيسة، قال: فجئته فقلت: إني رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك. قال: فادخل، فدخلت معه قال: فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء كثيرة اكتنزها لنفسه ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضا شديدًا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئًا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبًا وورقًا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا، قال: فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر فجعلوه
مكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلًا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلًا ونهارًا منه، قال: فأحببته حبًّا لم أحبه مَنْ قبله فأقمت معه زمانًا ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني كنت

الصفحة 515