كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال: ثم مات وغُيِّب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نفرٌ من كلب تجارًا، فقلت لهم: تحملوني إلى، أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم فأعطيتموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدًا، فكنت عنده ورأيت النخل، ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق لي في نفس، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عمٍ له من المدينة من بني قريظة، فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، وبعث الله رسوله - عليه السلام -، فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عذقٍ لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذْ أقبل ابن عمٍ له حتى وقف عليه، فقال فلانٌ: قاتل الله بني قيلة، والله إنهم الآن لمجمعون على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعم أنه نبي قال: فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال: ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ قال: فغضب سيدي فلكمني لكمةً شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟ أقبل على عملك. قال: قلت: لأي شيء؟ إنما أردت أن استثبته عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله - عليه السلام - وهو بقباء، فدخلت عليه فقلت: إنه بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحابٌ لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم. قال: فقربته
إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: كلوا، وأمسك يده فلم يأكل، قال: فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا، وتحول رسول الله - عليه السلام - إلى المدينة، ثم جئت به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله - عليه السلام - منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، قال: ثم جئت رسول الله - عليه السلام - وهو ببقيع الغرقد قال: وقد تبع جنازةً

الصفحة 517