كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره، وهل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رأني رسول الله - عليه السلام - استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وُصف لي، قال فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفت، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله - عليه السلام -: تحول، فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله - عليه السلام - أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله - عليه السلام - بدر وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله - عليه السلام -: كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أجبيها له بالفقير وبأربعين أوقية، فقال رسول الله - عليه السلام - لأصحابه: أعينوا أخاكم، فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشرة يعين الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية، فقال لي رسول الله - عليه السلام -: اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي، قال: ففقرت لها وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله - عليه السلام - معي إليها، فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله - عليه السلام - بيده، فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي عليَّ المال، فَاُتيَ رسول الله - عليه السلام - بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال: ما فعل الفارسي؟ قال: فدُعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان، قال: فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما عليّ؟ قال: خذها فإن الله سيؤدي بها عنك، قال: فأخذتها فوزنت لهم منها -والذي نفس سليمان بيده- أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم وعُتِقْت، وشهدت مع رسول الله - عليه السلام - الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد".
قوله: "جَيْ" بالجيم المكسورة والمفتوحة.
قوله: "قطن النار" أي: خازن النار.
قوله: "لا تخبو ساعةً" أي: لا يتركها تسكن ساعةً.

الصفحة 518