كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

وأصحاب الرأي، وإليه ذهب الشافعي، وكان الأوزاعي يقول في الغال في الغنيمة: إن للإمام أن يحرق رحله، وكذلك قال أحمد وإسحاق.
وقال أحمد في الرجل يحمل الثمرة في أكمامها: فيه القيمة مرتين وضرب النكال.
وقال: كل مَن درأنا عنه الحد أضعفنا عليه الغرم.
ثم الجواب عن هذا الحديث من وجهين:
الأول: بطريق المنع، وهو أن يقال: لا نسلم أن هذا الحديث صحيح؛ لأن الشافعي قال في بهز: ليس بحجة، وقال أبو حاتم الرازي: هو شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيرًا، ولولا حديثه: إنا آخذوه وشطر ماله عزمةً مَن عزمات ربنا لأدخلناه في "الثقات".
الثاني: بطريق التسليم، وهو أن يقال: سلمنا أن الحديث صحيح؛ لأن يحيى بن معين وأحمد احتجا بحديث بهز ووثقاه، ولكنا نقول: إن هذا كان في أول الإِسلام ثم نسخ، واستدل الشافعي على نسخه بحديث البراء بن عازب فيما أفسدت ناقته فلم ينقل عن النبي - عليه السلام - في تلك القضية أنه ضَعَّف الغرامة، بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط، وقد يجاب بأن هذا على سبيل التوعد لينتهي فاعل ذلك، وقيل: معناه أن الحق يُستوفى منه ولا يترك عليه، وإن تلف شطر ماله، كرجل له ألف شاة فتلفت حتى لم يبق إلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه كصدقة الألف، وهو شطر ماله الباقي أي: نصفه.
وكان إبراهيم الحربي يتأول حديث بهز بن حكيم على أنه يؤخذ منه خيار ماله مثل سن الواجب عليه لا يزاد على السن والعدد ولكن يُنتقى خيار ماله، فتزاد عليه الصدقة بزيادة شطر القيمة. والله أعلم.
ص: حدثنا ابن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس: "أن النبي - عليه السلام - كان يمر في الطريق بالتمرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة".

الصفحة 525