كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

وقوله: "علمنا أن حديث ابن مسعود خصّ به العمد دون النسيان" قلنا: لم يكن الكلام الذي صدر من ذي اليدين سهوًا، وكذا من النبي - عليه السلام - وأصحابه؛ لأن ذا اليدين لما قال: "بلى قد كان بعض ذلك" علم - عليه السلام - أن النسيان قد وقع فابتدأ عامدًا فسأل الناس فأجابوه أيضًا عامدين؛ لأنهم علموا أنها لم تقصر وأن النسيان قد وقع.
ثم خرّج البيهقي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال: كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر، ثم قال: فلم يأمره النبي - عليه السلام - النبي - عليه السلام - بإعادة الصلاة، فمن تكلم في صلاته ساهيًا أو جاهلًا مضت صلاته.
والجواب أن الوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح ها هنا بالسماع من الأوزاعي، وكان معاوية جاهلًا بتحريم الكلام.
ثم قال البيهقي: الذي قتل ببدر هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لبني زهرة من خزاعة، وأما ذو اليدين الذي أخبر النبي - عليه السلام - بسهوه فإنه بقي بعد النبي - عليه السلام - كذا ذكره شيخنا أبو عبد الله، فقد ذكرنا الجواب عن هذا الفصل مستوفى فيما مضى.
ص: ومما يدل على ذلك أيضًا: أن ربيعًا المؤذن حدثنا، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن سويد بن قيس أخبره، عن معاوية بن خديج: "أن رسول الله - عليه السلام - صلى يومًا وانصرف، وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل فقال: بقيت من الصلاة ركعة، فرجع إلى المسجد فأمر بلالًا فأقام الصلاة، فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس، فقالوا: أتعرف الرجل؟ فقلت: لا إلا أن أراه، فمر بي فقلت: هو هذا؛ فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله".
ففي هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - أمر بلالًا فأذن وأقام الصلاة، ثم صلى ما كان ترك من صلاته، ولم يكن أمره بلالًا بالأذان والإقامة قاطعًا لصلاته، ولم يكن أيضًا ما كان من بلال من أذانه وإقامته قاطعًا لصلاته، وقد أجمعوا أن فاعلًا لو فعل هذا الآن وهو في الصلاة كان به قاطعًا للصلاة؛ فدل ذلك أن جميع ما كان من رسول الله - عليه السلام - في صلاته في حديث معاوية بن خديج هذا، وفي حديث ابن عمر

الصفحة 61