كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 7)

وعمران وأبي هريرة - رضي الله عنهم - كان والكلام مباح في الصلاة، ثم نسخ الكلام فيها، فعلَّم رسول الله - عليه السلام - الناس بعد ذلك ما ذكره عنه معاوية بن الحكم وأبو هريرة وسهل بن سعد - رضي الله عنهم -.
ش: أي ومن الذي يدل على أن كلام ذي اليدين لرسول الله - عليه السلام - بما كلمه به في حديث عمران بن حصين وعبد الله بن عمر وأبي هريرة كان قبل تحريم الكلام في الصلاة.
بيان ذلك: أنه - عليه السلام - أمر بلالًا بالآذان والإقامة للصلاة في حديث معاوية بن خديج، فأذن وأقام، ثم صلى رسول الله - عليه السلام - ما تركه من صلاته، فلم يكن أمره بذلك قاطعًا لصلاته، ولا ما كان من بلال من الأذان والإقامة قاطعًا لصلاته فدل ذلك على أن جميع ما كان من النبي - عليه السلام - في أحاديث هؤلاء قد كان والحال أن الكلام مباح في الصلاة، ثم نسخ الكلام في الصلاة فعلم رسول الله - عليه السلام - الناس بعد هذا الأمر أنهم إذا نزل بهم أمر من النوائب يقولون: سبحان الله، على ما ذكره في حديث معاوية بن الحكم وأبي هريرة وسهل بن سعد - رضي الله عنهم -، ثم إن الأمة قد أجمعت على أن السنة أن الإِمام إذا نابه شيء في صلاته أن يسبح به القوم، ولم يسبح ذو اليدين برسول الله - عليه السلام -، ولا أنكره - عليه السلام - عليه، فدل على أن ما أمر به - عليه السلام - من التسبيح للنائبة في الصلاة متأخر عما كان من حديث ذي اليدين، والله أعلم.
ثم إنه أخرج حديث معاوية بن حديج، عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي، عن شعيب بن الليث، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب سويد المصري -كل هؤلاء ثقات- عن سويد بن قيس التجيبي المصري -فيه مقال وقد ذكرناه عن قريب- عن معاوية بن حُديج -بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره جيم- قيل: لا صحبة له، والأصح أن له
صحبة والله أعلم.

الصفحة 62