كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 7)

النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بْنَةِ أَبي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بْنَةَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ؟ "، فَقُلْتُ: أَناَ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: "مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئٍ". فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! زَعَمَ ابْنُ أُمِّي، عَلِيٌّ، أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلاَنُ ابْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أَجَرْناَ مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ".
قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى.
(قد أَجَرْنا مَنْ أَجَرتِ يا أمَّ هانئ): لِقائلٍ أن يقول: إن كانت الإجارة منها نافذةً، فقد فاتَ الأمر، ونفذَ الحكم، فلا يوافق قوله -عليه السلام-: "قد أَجرنا مَنْ أَجرت"؛ لأنه يكون تحصيلاً للحاصل، فهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أجارَ، ولولا تنفيذُه (¬1)، لما نفذ جوارها، وهل تنفيذُ الجوارِ على القول بأنه موقوف إجارَة مُؤْتَنَفَةٌ، أو لا؟
هي قاعدة اختُلف فيها؛ كتنفيذ الورثةِ وصيةَ المورِّثِ بأزيدَ من الثلث، فقيل: ابتداءُ عطية منهم، فيشترط شروط العطية من الجواز وغيره.
وقيل: لا يُشترط ذلك، والتنفيذُ (¬2) ليسَ ابتداءَ عطية، وانظر ما في أَمانِ الآحاد من المسلمين إذا عقدوه لأهل مدينة عظيمة؛ مثل: أن تؤمن (¬3)
¬__________
(¬1) في "ع": "ولا تنفيذ".
(¬2) في "ع": "بل لابد والتنفيذ".
(¬3) في "ج": "أن يأمن".

الصفحة 18