كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 7)

فإن قلت: أين هذا من قوله: وهل أعمدُ من رجلٍ قتلَه قومُه (¬1)؟
قلت: أراد هنا انتقاص المباشِرِ لقتلِه، وأراد هناك تسليةَ نفسه بأن الشريفَ إذا قتله قومُه، لم يكن ذلك عارًا عليه، فجوز قومَه قاتلين له مجازًا باعتبار تسببهم (¬2) في قتله، وسعيهم فيه، وإن لم يباشروه، فمحلُّ الانتقاص غير محل التعظيم، فلا تناقض.
* * *

2103 - (4024) - وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى -يَعْنِي: مَقتَلَ عُثْمَانَ-، فَلَمْ تُبْقِ مِن أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الثَّانِيةُ -يَعْنِي: الْحَرَّةَ-، فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ، فَلَمْ تَرتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ.
(فلم تُبقِ من أصحاب بَدْر أَحَدًا): الضمير في قوله: "فلم تبق" عائد على الفتنة (¬3) الأولى التي هي مقتل عثمان - رضي الله عنه -.
قال الداودي: هذا وهمٌ بلا شك؛ لأن عليًا والزبير وطلحة وسعدًا وسعيدًا وغيرَهم عاشوا بعد ذلك، ولعلَّ ابنَ المسيب عنى بالفتنة [الأولى]: مقتلَ الحسين، وبالثانية: الحَرَّة، وبالثالثة: الفِتن (¬4) التي كانت بالعراق مع الأزارقة (¬5).
¬__________
(¬1) في "ج": "قوله".
(¬2) في "ع": "نسبتهم".
(¬3) في "ع": "الغيبة".
(¬4) في "ع": "العين".
(¬5) المرجع السابق، (2/ 833).

الصفحة 434