كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 7)

- عليه السلام -، وهو تعالى موجود بذاته لم يوجده أحد فلا يكون له ولد وهذه هي النكتة في الآية في تقديم لم يلد على ولم يولد. (ولم يكن لي كفوا أحد) الكفو النظير ولو كان له تعالى ولد لكان كفواً له ونظيراً، قال الطيبي: هذه أوصاف مشعرة بغلبة الحكم فالأحد ينفي ما يذكر معه من العدد فلو فرض له ولد يكون مثله فلا يكون أحداً، والصمد الذي يصمد إليه في الحوائج، فلو كان له ولد لشركه فيه فيلزم فساد السماوات والأرض. وقوله كفوا أي صاحبة ولا ينبغي له ذلك ولزم منه الاحتياج إلى قضاء الشهوة وكل ذلك وصف له بما فيه نقص وهو معنى الشتم انتهى. إن قيل مثبت الولد منكر لأحديته وصمديته وغيرها فكيف يقوم ما ذكر عليه دليلاً؟
قلت: أما أولا فلأن أدلة وحدته تعالى وصمديته قد قامت عليها الأدلة القطعية في الآفاق والمعجزات نافيها مكابر: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] وهذا جار في كل ما ورد من الاستدلال على الكفار في كتاب الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
(وأما تكذيبه إياي) يرد ما أخبرت به غير رسلي. (فقوله: ليس يعيدني كما بدأني) فإنه أقر بأنه تعالى بدأه وأنكر إعادته إياه ووقع في الكشاف (¬1) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...} هو الآية. [الأحزاب: 57] رواية هذا الحديث بلفظ: "بعد أن أبدأني" وهو وهم وليس له معنى على روايته وجميع رواياته في كتب الحديث على هذا اللفظ الذي في الجامع. (وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته) بل هما مثلان ومن قدر على أحد المثلين قدر على الآخر أو الإعادة أهون كما أفاده قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ
¬__________
(¬1) الكشاف (ص 1008).

الصفحة 584