كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 7)

إنكم تخطئون) بضم أوله وكسر ثالثه يفعلون الخطيئة من خطأ يخطئ إذا فعل عن غير قصد. (بالليل والنهار) قيل: فيه مقابلة لاستحالة وقوع الخطأ من كل منهم ليلا ونهاراً.
قلت: كأنه يريد أن البعض يخطئ في الليل والبعض في النهار. (وأنا أغفر الذنوب جميعاً) قال الشارح: غفر الشرك وما لا يشاء يغفر إن الله لا يغفر أن يشرك به، قلت: قوله: (فاستغفروني أغفر لكم) يقتضي أن المراد كل ذنب حتى الشرك لأن المراد توبوا إلى من ذنوبكم أغفرها جميعا، وأما آية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} فهي في غير التائبين والحديث إنما يناسبه آية: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] وهي في التائبين وفي الإتيان بجملة وأنا أغفر إلى آخرها أتم دعاء للعباد إلى التوبة وأكمل باعث عليها ولم يأت بنظيرها فيما سلف.
(يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني) حذفت نون إعرابه لأنه في سياق النفي أي لا يستقيم ولا يصح ولا يتصور أن تضروني، (ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) فما أطلب منكم أن تسألوني وأن تستغفرونى لحاجة لي منكم ولا لدفع ضرر أخافه.
(يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم) الإنس منكم والجن منكم أيها العباد. (كانوا على أتقى) بالمثناة الفوقية من التقوى. (قلب رجل منكم) أي على تقوي أتقي قلب قاله القاضي، قال الطيبي: لا بد منه ليستقيم أن يقع أتقي خبرًا لكان ثم إضافة أفعل إلى نكرة مفردة تدل على أنك لو تقصيت قلب رجل رجل بل كل الخلائق ولن يجد أتقى من قلب هذا الرجل. (ما زاد ذلك في ملكي شيئاً) فإنه لا تزيده طاعة المطيع ولا تنقصنه معاصي العاصي.
(يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم) أولهم من أول أب لهم وآخرهم إلى ما ليس بعده شيء وقد دخل المخاطبون بالأولى لأنه إذا كان الطرفان وهما أكثر

الصفحة 595