كتاب التنوير شرح الجامع الصغير (اسم الجزء: 7)

منهم لا يزيدون في ملكه تعالى ولا ينقصون فأولى هم ولأن علة العبودية بالله للكل على سواء. (وإنسكم وجنكم) هو عطف التفاصيل على الجمل فإن الكل عباده تعالى. (كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم) خصه وإلا فالمراد رجل أو جني لأنه يعلم بالمقايسة فإن الخطاب مع الثقلين. (ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) قال الطيبي: يجوز كونه مفعولا إن قلنا نقص متعد ومفعولا مطلقا إن قلنا إنه لازم قلت: ويجري مثله فيما قبله قيل لأنه مرتبي بقدرته وإرادته وهما دائمان لا انقطاع لهما فكذا ما ربط بهما.
(يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا) انتصبوا وتصدوا لا القيام حقيقة. (في صعيد واحد) أي أرض واحدة قال القاضي: قيد السؤال بالاجتماع في مكان واحد لأن تزاحم السؤال مما يذهل المسئول ويسيمه ويعسر عليه إنجاح مآربهم والإسعاف لمطالبهم، (فسألوني) أطلقه ليشمل أي شيء يسألونه، (فأعطيت كل إنسان مسألته) الخاصة به كما يقتضيه إضافتها إليه خص الصعيد الواحد وأتي بالفاء في السؤال والإعطاء إشارة إلى أنه لو اجتمع الخلائق كلهم في مقام واحد في خبر واحد وعقب الاجتماع بسؤالهم له تعالى لأي مطلوب [3/ 178] كان وعقبه الإعطاء لكل ما سئل وفي قوله مسألته إشارة إلى أنها مسألة خاصة لكل سائل وأنهم لم يجتمعوا على مطلوب واحد، (ما نقص) ذلك الإعطاء، (مما عندي) في خزائن ملكي، (إلا كما ينقص المخيط) بكسر فسكون ففتح: الإبرة (إذا دخل البحر) وهو لا ينقص منه شيئاً وإنما ضرب الله تعالى ذلك مثلاً بما هو في غاية القلة ونهاية ما يشاهدونه فإن البحر من أعظم المرئيات والإبرة صغيرة صقيلة لا يعلق بها شيء وإن فرض لكنه لا يظهر حساً ولا يعتد به عقلاً
(يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم) أضبطها وأحفظها بعلمي

الصفحة 596