كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السابعة (اسم الجزء: 1)

أدركته الصلاة فيه فليصلّ وإلا فليمض.
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، ولم يتخذ الصحابة شيئًا من آثاره مسجدًا، ولا يُزار غير ما بناه من المساجد. ولم يكونوا يزورون غار حراء الذي نزل عليه فيه الوحي، ولا غار ثور المذكور في قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40]. ولا مكان ولادته، ولا الشِّعب الذي حُوصر فيه، وأمثال ذلك.
وكذلك إبراهيم الخليل عليه السلام؛ إنما اتخذوا من آثاره ما شَرَعه الله لهم من المناسك، ومقامه الذي قال الله فيه: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. مع أنهم لم يكونوا يقبِّلون المقام ولا يتمسّحون به.
والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع، كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]. ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استلم الحجرَ الأسود: والله إني لأعلم أنك حَجَر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتك.

الصفحة 423