كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 7)
2 - وكتب رحمه الله تعالى من رسالة: سيدي لا عدمت ارتفاقاً، ولا حرمت تكيفاً من السعد واتفاقاً، أنا الآن مشتغل البال، لا أفرّق بين الإعراض والإقبال، وعند تفرغي أوجّه لك ما حضر، ومثلك أرجأ الأمر وأنظر، وفي علم الله تعالى لو أمكنني لحملتك على كاهل، وأوردتك منه أعذب المناهل، وأبحت لك السعد ثغراً ترتشفه، وخلعته برداً عليك تلتحفه، لكن الزمان لا يجد، وصروفه لا تنجد، وعلى أي حال فلا بد أن تجد قراك، وتحمد سراك، إن شاء الله تعالى.
3 - وكتب إلى أبي بكر بن علي (1) عند ولايته إشبيلية: أطال الله تعالى بقاء الأمير الأجلّ أبي بكر للأرض يتملكها، ويستدير بسعده فلكها؛ استبشر الملك وحق له الاستبشار، وأومأ إليه السعد في ذلك وأشار، بما اتّفق له من توليتك، وخفق عليه من ألويتك، فلقد حبي منك بمكلك أمضى من السهم المسدّد:
طويل نجاد السيف رحب المقلّد ... يقدم حيث يتأخّر الذابل، ويكرم إذا بخل الوابل، ويحمي الحمى كربيعة ابن مكدّم، ويسقي الظبي نجيعاً كلون العندم، فهنيئاً للأندلس لقد استردت عهد خلفائها، واستمدّت تلك الإمامة بعد عفائها، حتى كأن لم تمر أعاصرها، ولم يمت حكمها ولا ناصرها، اللذان عمرا الرصافة والزّهرا، ونكحا عقائل الروم وما بذلا إلا المشرفية مهرا، والله تعالى أسأله انتصار أيامك، وبه أرجو انتشار أعلامك، حتى يكون عصرك أعجب من عصرهم، ونصرك أعزّ من
__________
(1) أبو بكر بن علي بن يوسف بن تاشفين أكبر أبناء علي وكان يعرف ببكور (تصغير تحبب) ، نشأ في إشبيلية، وكان مؤدبه أبو مروان ابن زهر، وقد ولي أمر المدينة سنة 518 وعزل عنها سنة 522.