كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 7)

أبا مسلم، إنّ الفتى بفؤاده ... ومقوله لا بالمراكب واللّبس
وليس رواء المرء يغني قلامة ... إذا كان مقصوراً على قصر النفس
وليس يفيد الحلم والعلم والحجى ... أبا مسلم طول القعود على الكرسي واستدعاه الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين فعجل إليه وأسرع، فأمرع من آماله ما أمرع، فلمّا طالت نواه، واستطالت عليه لوعته وجواه، وحنّ إلى مستكنّه بإشبيلية ومثواه، استأذنه في اللحوق بها فلوّمه ولواه، فكتب إلى من كان يألفه ويهواه:
ويحك يا سلم لا تراعي ... لا بد للبين من مساع
لا تحسبيني صبرت إلاّ ... كصبر ميت على النزاع
ما خلق الله من عذابٍ ... أشدّ من وقفة الوداع
ما بينها والحمام فرقٌ ... إلا المناحات في النواعي
إن يفترق شملنا وشيكاً ... من بعد ما كان في اجتماع
فكل شمل إلى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع
وكلّ قربٍ إلى بعادٍ ... وكل وصل إلى انقطاع 2 - وقال - سامحه الله تعالى - بعد ترجمة السلطان بالمرية المعتصم بن صمادح ما نصّه: ابنه عز الدولة أبو مروان عبد الله (1) ، فتى الراح المعاقر لدنانها، المهتصر لأغصان الفتوة وأفنانها، المهجّر لفلاة الظّباء والآرام، المشهّر في باب الصّبابة والغرام، نشأ في حجر أبيه نديم قهوة، ومديم صبوة، وخديم شهوة، لا يريم كاساً، ولا يروم إلا اقتضاء وانتكاساً، ما شهد قتلاً ولا قتالاً، ولا تقلد صارماً إلا مختالاً، قد أمن منه جنانُ الجبان، وعدّت له غصون البان، ومازال مرتضعاً لأخلاف البطالة، مقتطعاً ما شاء من إطالة، متوغلاً
__________
(1) لم ترد هذه الترجمة في المطمح المطبوع.

الصفحة 40