كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 7)

وله وقد بلغه موتي، وتحقق عنده فوتي (1) :
مثنى الوزارة قد أودى فما فعلت ... تلك المحابر والأقلام والطرس
ما كنت أحسب يوماً قبل ميتته ... أن البلاغة والآداب تختلس واستأذن ليلة على أحد الأمراء وأنا عنده في أسنى موضع، وأبهى مطلع، وجوانب حفده بين يديّ محتلة، وسحائب رفده عليّ منهلّة، وكان أجمل من مقل، وأكمل مَنْ مِنَ المهد إلى سرير الملك قد نقل، وكتب إليّ يهنيني بقدوم من سفر:
قدمت أبا نصر على حال وحشة ... فجاءت بك الآمال واتصل الأنس
وقرت بك العينان واتصل المنى ... وفازت على يأس ببغيتها النفس
فأهلاً وسهلاً بالوزارة كلها ... ومن رأيه في كل مظلمة شمس 4 - وقال في المطمح في ترجمة الوزير أبي الوليد ابن حزم (2) : واحد دونه الجمع، وهو للجلالة بصر وسمع، روضة علاه رائقة السنا، ودوحة بهاه طيّبة الجنى، لم يتّزر بغير الصّون، ولم يشتهر بفسادٍ بعد الكون، مع نفس برئت من الكبر، وخلصت خلوص التبر، مع عفاف التحف به بروداً، وما ارتشف به ثغراً بروداً، فعفّت مواطنه، وما استرابت ظواهره ولا بواطنه، وأمّا شعره ففي قالب الإحسان أفرغ، وعلى وجه الاستحسان يلقى ويبلغ، وكتب إليه ابن زهر:
أأبا الوليد وأنت سيد مذحج ... هلاّ فككت أسير قبضة وعده
وحياة من أمد الحياة بوصله ... وذهابها حتماً بأيسر صدّه
__________
(1) لم ترد في المطمح.
(2) المطمح: 31 - 34.

الصفحة 45