كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 7)

مسألة: قال: "ولو ورثَه رجلانِ فماتَ أحدهما ولهُ ابنانِ".
الفصل
وهذا كما قال: صورةَ المسألةً أن يموت رجل وخلف ابنين فورثا دارًا ثم إن أحد الابنين مات وخلف ابنين فورثا نصيبه ثم باع أحد هذين الابنين نصيبه من الدار وهو الربع فهل يكون أخوه أولى بالشفعةً من عمه؟ أو يشترك هو والعم؟ في ذلك قولان منصوصان:
أحدهما: الأخ أولى وبه قال مالك لأن شركة أخيه أخص بالمبيع من شركة العم، ألا ترى أنها إذا قسمت جعل نصيب العم حزبًا ونصيبهما حزبًا ثم قسم حزبهما نصفين.
والثاني: وهو الصحيح يشتركان فيه نص عليه في "الإملاء" وقال: هذا هو القياس وبه قال أبو حنيفة وأحمد والمزني لأنهما شريكان في الملك حال الاستحقاق فيشتركان في الشفعةً كما لو كان بين ثلاثةَ شركاء دار فباع [73/ ب] أحدهم نصيبه فللآخرين الشفعةً كذلك ها هنا، وأما ما ذكروا من الاختصاص فلا معنى له لأن الاعتبار بالشركةً لا بسببها فإذا قلنا بهذا هل يأخذان على عدد الرؤوس أو على قدر النصيبين، قولان أحدهما: على عدد الرؤوس وهو اختيار المزني وبه قال أبو حنيفة والشعبي والنخعي وسفيان الثوري وابن أبى ليلى وابن شبرمةَ وأحمد في روايةٍ لأن كل واحدٍ منهما لو انفرد أخذ الكل بالشفعةَ فإذا اجتمعوا استووا كالبنين في الميراث، والثاني: أنه على قدر الأنصباء وهو الأصح، واختاره أبو إسحاق وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعطاء ومالك وعبيد الله العنبري وسوار القاضي وإسحاق وأحمد في روايةً أخرى لأنه مرفق يستفاد بسبب الملك فكان على قدر الملك كالغلةَ والثمار، وأما ما ذكره القائل الأول لا يصح لأنه لا يمتنع أن يأخذ الكل عند الانفراد ولا يستويان عند الازدحام كما لو مات وترك ألف درهم وعليه دين لرجلين لواحدٍ منهما ألف درهم وللآخر ألفا درهم لو انفرد كل واحدٍ منهما استحق كل الألف وإذا اجتمعا يأخذان الألف على الثلث والثلثين، كذلك ها هنا قال المزني: وفي تسويته بين الشفعتين على كثرةَ ما للعم على الأخ قضاء لأحد قوليه على الآخر في أخذ الشفعاء بقدر الأنصباء يقال للمنني: كيف يقضى جوابه بأحد القولين على القول الثاني من غير دليل ولا حجةً وقد علمت أن الشافعي إن كان له قولان في مسألة فربما يجيب في بعض المواضع بأحدهما: ويجيب في موضع آخر على القول الآخر على أن مقصوده التسويةَ بين العم والأخ في أصل الشفعة لا في مقدارها عند قسمتها، ثم احتج المزني على التسويةً بأنه لو كان عبدًا مشتركًا بين ثلاثةٍ لأحدهم نصفه، وللثاني سدسه، وللثالث ثلثه فأعتق صاحب الثلث والشقص نصيبهما وهما موسران كان النصف الباقي مقومًا عليهما [74/ أ] وإن كان

الصفحة 23