كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 7)

فائدةً غريبةً، وهي أن رجلًا لو مات نصف دارٍ وورثة وعليه دين يستغرق جميع تركته فبيع الممن الثاني من الدار قبل بيع التركة في الدين كان لورثةَ الميت طلب الشفعةً في النصف المبيع لأن ملك الورثةً على النصف المستغرق بالدين فإن بيع من الصف الموروث بعضه لم يكن للورثةً بالباقي من النصف طلب الشفعةً في بعض لأن ملكهم بيع عليهم فلا يثبت لهم شفعةً في ملكهم بملكهم، وكذلك لو كان لهؤلاء الورثةً في هذه الدار شقص مملوك قبل موت أبيهم فمات أبوهم عن شقص فيها فبيع شقص أبيهم في دينه فليس للورثةً طلب الشفعة في الشقص المبيع هكذا ذكر أكثر أصحابنا بخراسان والعراق.
وقال القاضي [75/ أ] الطبري في هذه المسألةً الأخيرةً تثبت الشفعة للورثةً بملكهم القديم في الشقص المبيع للدين لأنه يجعل كأن الميت باعه في حياته لأنه يباع في دينه فوجب أن يكون الاعتبار بالشركةً الموجودةً في حياته دون ما يحدث بعد موته ولم يذم وجهًا آخر، وهكذا ذكره ابن الحداد ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأنه إنما يلحق بحال الحياة إذا وجد سببه في حال الحياةَ ما لا يمكن ابتداؤه بعد الوفاةً، ولو كان كذلك لم يكن للوارث أن يقضي الدين من عنده ويمنع من البيع ولأن هذا ملك الورثةً وإنما تعلق الدين بهذه العين لأنهم ملكوها من جهةً الميت فهو كالعبد إذا جني يتعلق أرش الجنايةً برقبته وهو ملك لمولاه ويباع فيها، وإن كان الدين ليس على مولاه كذلك ها هنا، وقال ابن أبي هريرة: غلط أبو إسحاق فيما قال وأراد الشافعي بما قال: امرأته وابنه في ذلك سواء أي: سواء في الاستحقاق لا في المقدار فلا حجة للمزني فيه.
فرع
ذكره أبو العباس بن سريج على القول الأول فقال: إذا عفا الأخ عن الشفعةً هل يستحق العم الأخذ بالشفعةً أم لا؟ يحتمل وجهين أحدهما: يستحق لأنه شريك وإنما قدم الأخ عليه لقرب نسبه وامتزاجه فإذا عفا وسقط حقه استحق العم كما لو عفا ولي المقتول الأول عن القصاص يستوفى بالمقتول الثاني، والثاني: لا يستحق لأنه لم يستحق حال البيع فلا يستحقها بعد، فإذا تقرر هذا قال ابن سريج: لا يختص ما ذكرناه بالإرث والشافعي لم يخص الميراث لأن الحكم يتعلق به وحده بل كل ملك اختلف سببه فهو على هذا القياس، فلو اشترى نصف دارٍ ثم اشترى باقيها رجلان كان الأول كالعم والآخران كابني العم على ما فصلناه، وكذلك لو اشترى اثنان دارًا فباع أحدهما نصيبه من اثنين وعفا الشفيع عن الشفعةً ثم باع أحد هذين نصيبه من رجل [75/ ب] هل تكون الشفعةً للآخر الذي بقي من هذين أولهما؟ على قولين: ثم فرع ابن سريج على هذا فروعًا فقال: إذا مات رجل وخلَّف ابنتين وأختين فللابنتين الثلثان وللأختين ألثلث فإن باعت إحدى الأختين نصيبها يحتمل أن تكون الشفعةً لأختها وللابنتين، ويحتمل أن يكون على قولين أيضًا: أحدهما: الشفعةً لأختها وحدها.

الصفحة 25