كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 7)

الأشعار إلى آخرها قال المزني: والبيت الخامس من غير الشافعي رحمة الله عليه:
وذوقي فتى حيًّ فإني ذائقٌ فتاةً لحيًّ مثل ما أنت ذائقه
وقال عروة: نزل الطلاق في مقدار عدده موافقًا للأعشى ثم قال الشافعي: وحديثنا أثبت إسنادًا وأبينها لفظًا وأعرفها في الفرق بين المقاسم وبين من لم يقاسم، ثم ذكر الشافعي طريق القياس في المسألة متصلاً بكلامه على الخبر فقال: أنه إذا باع مشاعًا باع غير متجزئ فيكون شريكه أحق به لأن حقه شائع فيه وعليه في الداخل سوء المشاركة ومؤونة مقاسمةٍ وليس كذلك المقسوم ثم إن أصحابنا زادوا في الجواب فقالوا: أراد الجار أحق بقربه لأن السَّقب القرب قال الشاعر:
كوفية نازحٌ محلَّتها لا أممٌ دارها ولا سقب
فيحتمل أنه أحق بالإحسان إليه والبرّ، وقد روي أن رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك دارًا أو بابًا" أو يحتمل أنه أراد أنه أحق بالعرض عليه عند البيع بدليل ما روي عن عمرو بن الشريد أنه قال: وضع المسور بن مخرمة يده على منكبي هذا فانطلقت معه حتى أتينا سعدًا فجلسنا إليه فجاء أبو رافع فقال للمسور: ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي فقال له سعد: والله لا أزيدك على أربعمائة دينار إما قطعة، وإما منجمة فقال أبو رافع: سبحان الله [62/ أ] لقد منعتهما من خمسمائة نقدًا ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الجار أحق بسبقه ما بعتك فدل على ما ذكرنا من التأويل.
واحتج أبو حنيفة أيضًا بما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة والجوار وقال: "جار الدار أحق بالدار من غيره" وروي "جار الدار أحق بدار الجار والأرض" قلنا: قال يحي بن معين: لم يسمع الحسن من سمرة وإنما هو صحيفة وقعت إليه، وقال غيره: سمع الحسن من سمرة خبر العقيقة فحسب أو نحمله على الجار المشارك دون المقاسم بدليل ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قسمت الأرض وحًدَّت فلا شفعة فيها".
واحتج بما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا" قلنا: تفرد به عبد الملك بن أبي سليمان وهو ضعيف الحديث وأنكر شعبة هذا الخبر وقال: إن روى عبد الملك حدثنا آخر مثل هذا تركت حديثه، ثم إن صح نحمله على المشاع لأن الطريق إنما يكون واحدًا على الحقيقة في المشاع دون المقسوم، ثم ذكر الشافعي المذهب بعد ما قدم الدلالة وهذه عادته في تصنيفه فقال: ولا شفعة إلا في مشاعٍ وإنما قيد مشاع لأن سهم كل واحدٍ من

الصفحة 5