كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

وألوهية القمر والشمس حتى أبطلها (¬1).
وقيل: كانت هذه المناظرة مع قومه حين برز للناس فوجدهم يعبدون الكواكب، وناظر أباه في عبادة الأصنام، وكان أبوه يصنع الأصنام ويعطيها لإبراهيم ليبيعها، فيذهب بها إبراهيم وينادي عليها: من يشتري ما يضره ولا ينفعه، فلا يشتريها أحد، فإذا باتت عنده ذهب بها إلى نهر فضرب رؤوسها، فقال: اشربي استهزاءً بأبيه وقومه، وما هم عليه من الضلالة والجهالة (¬2).
وبالغ في نصيحتهم باللطف تارة، وبالعنف أخرى، وآخرًا تبرأ منهم.
وكان من مناظرته لهم في عبادة الأصنام أن قال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)} [الأنبياء: 52 - 54]؛ أي: في خطأ بيِّن {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)} [الأنبياء: 55 - 57].
قال مجاهد، وقتادة: إنما قال ذلك إبراهيم سراً من قومه، ولم يسمع ذلك منه إلا رجل واحد، فأفشاه عليه، وهو القائل: {قَالُوا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الثعلبي" (4/ 163)، و "تفسير البغوي" (2/ 109).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" (7/ 249)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (8/ 2778).

الصفحة 26