كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

كان لفظه الخبر - ولذلك قال مجاهد في تفسيره: لا تتجبر عليهم (¬1).
وقال قتادة في الآية: إن الله كره لنبيكم الجبرية، ونهى عنها، وقدم فيها (¬2). رواهما ابن جرير، وابن المنذر.
وروى الحاكم في "المستدرك" عن جرير - رضي الله عنه - قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل تَرْعُد فرائصه فقال: "هَوِّنْ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّمَا أنا ابْنُ امْرَأةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيْدَ فِي هَذهِ الْبَطْحَاءِ"، ثم تلا جرير: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] (¬3).
وكذلك ينبغي للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء التواضع، والتنزه عن التكبر والتجبر؛ فإن منشأهما الجهل بالأمور، وخصوصاً الجهل بمعرفة النفس.
والأنبياء أعرف الناس بأخلاق النفوس، ومع ذلك قال قائلهم: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53].
وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التعوذ من شر النفس (¬4)، فالعالم إذا جهل بنفسه تكبر، ثم تجبر، فإذا علم بنفسه تواضع.
¬__________
(¬1) رواه الطبري في "التفسير" (26/ 184)، وانظر: "تفسير مجاهد" (2/ 613).
(¬2) رواه الطبري في "التفسير" (26/ 184).
(¬3) رواه الحاكم في "المستدرك" (3733)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط" (1260).
(¬4) تقدم تخريجه.

الصفحة 37