كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

النميري قال: أتيت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وهو بالراوية، فقال لي: قُصَّ.
فقلت: كيف أقص والناس يزعمون أنَّه بدعة؟
فقال: ليس شيء من ذكر الله بدعة.
قال: فقصصت، فجعلتُ أكثَر قصصي دعاءً رجاءَ أن يؤمِّن.
قال: فجعلت أقص وهو يؤمِّن (¬1).
فعلم من هذا أن القصص إذا خلا عما يفعله القصاص لم يكن مذمومًا، وإنما المذموم ما أحدثوه.
وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال: كتب عامل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إن ها هنا قومًا يجتمعون، فيدعون للمسلمين وللأمير، فكتب إليه عمر - رضي الله عنه -: أقبل وأقبل بهم معك، فأقبل، فقال عمر للبواب: أعرني سوطًا، فلما دخلوا على عمر أقبل على أميرهم ضربًا بالسوط (¬2).
وروى ابن الجوزي عن أبي التياح قال: قلت للحسن: إمامنا يقص، فيجتمع الرجال والنساء، فيرفعون أصواتهم بالدعاء.
فقال الحسن: إن القصص بدعة، وإن رفع الصوت بالدعاء لبدعة، وإن مد الأيدي بالدعاء لبدعة، وإن اجتماع الرجال والنساء لبدعة (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (1/ 260).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (26191).
(¬3) رواه ابن الجوزي في "القصاص والمذكرين" (ص: 301).

الصفحة 433