كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

قالوا: كنا نقول له: بئست الأرض أرضك، ونشير عليه أن يقلع سياجها، ويهدم قصرها، ويدفن نهرها، ويحرق غرسها حتى تعود خربة مواتاً لا عمران فيها.
فقال الله تعالى: قل لهم: إن السِّياج ذمتي، وإن القصر شريعتي، وإن النهر كتابي مثل لهم، والخروب أعمالهم الخبيثة، وإني قد قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم، يتقربون إليَّ بذبح البقر والغنم وليس ينالني اللَّحم ولا آكله، ويدَّعون بأنهم يتقربون إليَّ بالتقوى والكف عن ذبح الأنفس التي حرمتها عليهم، ويزوِّقون المساجد، وليس لي إلى تزويقها حاجة، إنما أمرت برفعها لأُذْكَرَ فيها وأُسبَّح، ويقولون: لو كان يقدر على جمع أُلفتنا لجمعها، ولو كان يقدر على أن يفقه قلوبنا لفقهها، فاعمد إلى عودين يابسين، فاكتب فيهما كتاباً: إنَّ الله يأمركما أن تعودا عودًا واحدًا، فقال لهما ذلك، فاختلطا فصارا عودًا واحدًا، وصار الكتاب في طرف العود كتاباً واحدًا.
يا معشر بني إسرائيل! إنَّ الله تعالى يقول لكم: إني قَدِرْتُ على أن أُفقِّهَ العيدان اليابسة، وعلى أن أؤلف بينهما، فكيف لا أقدر أن أجمع ألفتكم إن شئت؟ أم كيف لا أقدر على أن أفقه قلوبكم؟
ويقولون: صمنا فلم يرفع صيامنا، وصلَّينا فلم تنور صلاَّتنا، وزكينا فلم تزك زكوتنا، ودعونا فلم يستجب لنا، فقال الله تعالى: سلهم لم ذلك؟ وما الذي يمنعني أن أجيبهم؟ ألست أسمع السَّامعين، وأبصر الناظرين، وأقرب المجيبين، وأرحم الراحمين؟ ألأن خزائني فنيت،

الصفحة 540