كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

قال عقبة بن عمرو: وأنا سمعته يقول ذلك، وكان نباشاً (¬1).
قلت: وقد يعارض هذا ما رواه أبو نعيم في "معرفة الصَّحابة" عن عبيد الجهني -وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيهِ السَّلامُ: إِنَّ في أُمَّتِكَ ثَلاثَةُ أَعْمالٍ لَمْ يَعْمَلْ بِها الأُمَمُ قَبْلَها: النَّبَّاشُونَ، والمُتَسَمِّنُونَ، والنِّساءُ بِالنّساءِ" (¬2).
ويحتمل أن يقال: إن معنى: لم يعمل بها الأمم؛ أي: لم يظهر العمل بها فيهم، فلا ينافي أن يعمله واحد منهم.

101 - ومنها: حبُّ الدُّنيا.
بل هو خلق كل إنسان إلا من عصم الله تعالى ورحمه.
قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
قال بعض العلماء: هذه الآية تعريض بما كان عليه اليهود من الانهماك في هذه الشهوات.
وتقدم أن بضعاً وثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في
¬__________
(¬1) رواه البخاري (3266).
(¬2) رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 1912)، وانظر: "الإصابة في معرفة الصحابة" لابن حجر (4/ 423).

الصفحة 561