كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 7)

الماء بكى، اهتز العرش، فقال تعالى: رحمتي سبقت غضبي (¬1).
والمراد من اهتزاز العرش لهذه الأمور المبالغة في تهويلها كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)} [مريم: 88 - 90].
ويجوز أن يكون اهتزاز العرش على حقيقته، وله وجهان:
الأول: أن هذه الأمور لشدة كراهية الله تعالى لها يغضب، فتضطرب الملائكة عليهم السلام لغضبه، فيهتز العرش بسبب اضطرابهم؛ فإن حملة العرش منهم وهم أقرب الملائكة إلى الله تعالى - ولا أعني قرب المسافة - فهم أشد غضبًا لله، واضطرابًا لغضبه.
والثاني: أن الله تعالى لا يبعد على قدرته أن يخلق في العرش إدراكاً لهذه الأمور وقبحها، فيضطرب لذلك.
وفي العزم تأليف جزء لطيف في هذا المعنى.

* تَنْبِيْهٌ:
قال الله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام قال: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170)} [الشعراء:
¬__________
(¬1) رواه أبو جعفر العبسي في "العرش وما روي فيه" (ص: 75)، قال الذهبي في "العلو للعلو الغفار" (ص: 90): إسنادها متصل، لكن لا أعرف التابعي.

الصفحة 85