كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 7)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ أَنْ يُوصِيَ بَعْضَ الْجَيْشِ إِذَا سَوَّاهُمْ لِلْكَمِينِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ.
٦١١٣ - أَخبَرنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، أَوْ يَوْمُ أُحُدٍ، وَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ أَجْلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ، وَقَالَ: "لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلَا تُعِينُونَا"، فَلَمَّا لَقِينَا الْقَوْمَ وَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ، قَدْ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِيلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَنْقَلِبُونَ وَيَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ! فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ: مَهْلاً أَمَا عَلِمْتُمْ مَا عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم! فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ، صَرَفَ اللهُ وجُوهَهُمْ، فَأُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تِسْعُونَ قَتِيلاً،
ثُمَّ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَشْرَفَ عَلَيْنَا وَهُوَ عَلَى نَشَزٍ، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَا تُجِيبُوهُ"، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةُ؟ ثَلَاثًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَا تُجِيبُوهُ"، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَا تُجِيبُوهُ"، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، لَوْ كَانُوا أَحْيَاءَ لأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ، قَدْ أَبْقَى اللهُ لَكَ مَا يُخْزِيكَ! فَقَالَ: اعْلُ هُبَلْ اعْلُ هُبَلْ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "أَجِيبُوهُ"، فَقَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ"، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَلَا لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "أَجِيبُوهُ"، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا اللهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ"، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَكَذَا حُدِّثْنَا: تَسْعَوْنَ قَتِيلاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَبْعُونَ قَتِيلاً. [٤٧٣٨]
الصفحة 63