كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 7)

قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ أَنْ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ وَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْصَنُ جُنْدًا، اللهُ، فَاسْتَنْصِرُوهُ! فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيه وسَلم قَدْ نُصِرَ بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي فَقَاتِلُوهُمْ، وَلَا تُرَاجِعُونِي! قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، وَأَصَبْنَا أَمْوَالاً، فَتَشَاوَرُوا فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ عِيَاضٌ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُرَاهِنُنِي؟ فَقَالَ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ! قَالَ: فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْفُزَانِ، وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ. [٤٧٦٦]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ أَنْصَارَهُ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ.
٦١٢٣ - أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ بِذَرَارِيهِمْ وَنَعَمِهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَشْرَةُ آلَافٍ، وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ، قَالَ: فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَائَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ"، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَى يَسَارِهِ وَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ"، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ،
قَالَ: وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ وَقَالَ: "أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَ فِي الشِّدَّةِ فَنَحْنُ، وَيُعْطِي الْغَنِيمَةَ غَيْرَنَا! فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي؟ " فَسَكَتُوا، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيه وسَلم إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، رَضِينَا، قَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ". [٤٧٦٩]

الصفحة 73