كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 7)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم أَرَادَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ الْخُرُوجَ إِلَى أُمَّتِهِ.
٧٣٨٦ - أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخبَرنا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَاّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَقَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةَ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ تَبَسَّمَ فَضَحِكَ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبِهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَنِ "اقْضُوا صَلَاتَكُمْ"، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَتُوُفِّيَ صَلى الله عَلَيه وسَلم ذَلِكَ الْيَوْمَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَقَالَ: لَا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيه وسَلم قَدْ مَاتَ، إِنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيه وسَلم لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّهُ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى، فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُقَطِّعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدَةٍ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ، وَاللهِ لَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَّا الْمَوتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.

الصفحة 759